التحكيم الدولي في فكر مفيد شهاب …..
التحكيم الدولي في فكر مفيد شهاب …..
مفيد شهاب مصري عروبي بامتياز…
أحد أبطال من أكملوا مسيرة حرب أكتوبر وأعادوا مدينة طابا من خلال التحكيم الدولي
مفيد شهاب رجل القانون الانسان …
دافع عن طابا ليس كمحامي بل بفكر وطني يتعلق بالارض والعرض ….هذا الذي نبحث عنه ليكون القدوة في طريق الخروج من أزماتنا العربية وتحرير أرضنا ةعرضنا من الارهاب والفساد والتبعية ….
شارك في مفاوضات شاقة مع الإسرائليين لتكملة الانتصار الذي تحقق في انتصار أكتوبر 1973 …
مفاوضات أقسى من تكسير الصخور لان عقول العدو أقسى من الصخر الجلمود لانه يريد قضم الارض وفق قوانين راتزل الذي ظهرت في سنة 1970 التي تخول للدول قضم الاراضي على أعتبارها كائن حي …
وقف مع فريقه الذي يتصدى لخصم عنيد ومراوغ ولا يلتزم بمبادئ ولا قيم …
في النهاية أنتصر الحق وتحررت مدينة طابا وعادت الى مصريتها وعروبتها ….واكتمل تحرير كل شبر من أرض مصر الغالية …..
ويقول مفيد شهاب : هكذا هي المفاوضات التي تنهي حالة الحرب التي لا تنتهي بالمعارك الحربية العسكرية ….
وكلما أتذكر مفيد شهاب يمر أمامي شريط الصور والمشاهد التي أعقبت حرب أكتوبر 1973 على الجبهة المصرية وحتى 19/3/1989 حيث تم رفع العلم المصري على طابا….
بداية من إعلان المبادئ وحتى مرحلة التحكيم …..
المفترض أن يتم الانسحاب بالكامل من سيناء في 25/4/ 1982 ورفع العلم على العريش ولكن العدو الاسرائيلي المراوغ يماطل في الانسحاب من بعض المواقع ……
وكلما أتذكر مفيد شهاب أتذكر خريطة سيناء الغالية وهو يحدد المواقع الخلافية التي يعرفها الواهده تلوالاخرى ويدرك مدى أهميتها في التفاوض وهي يطلق عليها العلامات الحدودية بين مصر وإسرائيل ….
العلامات الحدودية عددها واحد وتسعون موقعاً تمتد من رفح شمالاً على البحر الابيض المتوسط بمحاذاة الشريط الحدودي حتى طابا جنوباً على خليج العقبة بطول نحو 240 كيلو متر تقريبا ً…
بعض العلامات متفق عليها بين الجانبين …وعلامات آخرى لا تريد إسرائيل الاعتراف بها في عملية الانسحاب…
ولذلك إعلن عن اتفاق مؤقت بشأن هذا الخلاف على بعض العلامات الحدودية ….
نفذ صبر المصريين من مماطلة أسرائيل في المفاوضات …فتم اللجوء إلى اتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل التي تنص على أنه إذا فشلت المفاوضات لسبب أو لآخر فيتم اللجوء إلى أحد أمرين وهما التوفيق أو التحكيم ……
فضل الجانب الإسرائيلي التوفيق الذي رفضته مصر رفضاً قاطعاً….
تم اللجوء إلى خيار التحكيم الدولي الذي ماطلت فيه إسرائيل أيضاً كعادتها ….
في النهاية رضخت أسرائيل بعد اقناعها بالقبول من جانب بعض الدول …على أن أعتبار رفضها التحكيم في غير صالحها وأيضاً لأن من شروط التحكيم موافقة الطرفين المتنازعين .
بدأت مرحلة وضع الشروط أو وضع إطار منظم لعملية التحكيم التي ماطلت وراوغت فيه أسرائيل …
هناك اعتراضات من جانب إسرائيل على الأعضاء الخمسة الممثلين للمحكمة …
بعد جدال مثير نجح فيه الجانب المصري تمت الموافقة والتوافق على القضاة المحكمين :
– بدأت جولة أخرى من جولات التحكيم وهي وضع البنود الرئيسية والميثاق الخاص بعملية التحكيم وبنفس الطريقة ماطلت أسرائيل لمدة 9 أشهر وبعدها تم التوافق على البنود والميثاق…
– بدأت مرحلة تقديم الأوراق والمستندات والصور والخرائط الدالة على أحقية مصر في طابا ….
– بدأت مرحلة المرافعات الشفوية التي ترافع فيها خمسة محامين مصريين من خيرة رجال القانون الذي كان مفيد شهاد واحد منهم .
ثم جاءت مرحلة الشهود الذي كان من بينهم اسماعيل شيرين باشا زوج الإمبراطورة فوزية شقيقة الملك فاروق فبالرغم من خروجه من مصر في عام 1952 مع الملك فاروق في أعقاب ثورة 23 يوليو ألا أنه أصر على أن يدلي بشهادته لأنه كان يعتبر هذه الشهادة تعبيراً عن حبه لوطنه الأم مصر وأيضاً هي شهادة للتاريخ.
كذلك شهد الراحل العظيم كمال حسن على رئيس وزراء مصر الأسبق واللواء محسن حمدي
بعد ذلك رفعت المحكمة الجلسة للتداول لإبداء الحكم واستغرقت هذه الفترة شهر تقريباً.
كان مفيد شهاب وفريق التفاوض المصري مطمئنين لان الحكم سوف يأتي في صالح مصر
كان هناك بعض القلق والتخوف من بعض النقاط الحدودية الشائكة التي لم يكن كلا الجانبين متأكداً من مكانها ..
ولا بد للحق أن ينتصر في هذه الأثناء قدمت إسرائيل شريطاً مصوراً يؤكد أحقيتها ببعض النقاط الحدودية ولكن هنا انقلب السحر على الساحر وكان هذا الشريط المصور وبالاً عليهم فكان يصب بشكل كبير في صالح مصر وصدر الحكم في النهاية لصالح مصر بأحقيتها في بعض النقاط الحدودية الشائكة وأيضاً بأحقيتها في النقطة 91 وهي نقطة طابا وإعادتها للسيادة المصرية الكاملة….
بعد الحكم مباشرة حدثت بعض الاعتراضات من الجانب الإسرائيلي بل إن القاضية الإسرائيلية اعترضت بشدة ووصفت الحكم بالباطل…..
رئيس المحكمة كان حكيماً فدعا الجميع أعضاء الوفدين المصري والإسرائيلي للجلوس معاُ
في تلك الأثناء اعترف أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي الذي كان يعرف الدكتور مفيد شهاب جيداً بحكم تخصصهما في القانون الدولي اعترف بأن النقطة 91 أي طابا هي مصرية مئة بالمئة …
ويقول مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي وعضو لجنة التحكيم في قضية طابا حول الدروس المستفادة من قضية التحكيم في طابا :
– التفاوض هو مهارة فهو علم وفن وأن المفاوض لابد وأن يكون على دراية كافية بعقلية وفكر وايدلوجية من يتفاوض معه وأن المفاوض أيضاً لابد وأن يجيد اللغات الأجنبية إجادة تامة…
– الإصرار على الهدف وعدم التهاون فيه قدر الإمكان اياً كانت الظروف والصعاب والتحديات …
– العمل الجماعي بروح الفريق وأن كل عنصر يكمل الآخر .
– العدو الاسرائيلي كان ذكياً ومراوغاً نشطاً ومتشدداً.