تزداد المخاطر المالية مع ارتفاع نسبة الديون، وتحتاج مرحلة التسديد إلى تنظيم الميزانية المالية، ووضع خطة تحدد كيفية مواجهة الديون، من حيث البدء بالديون الكبيرة أو الصغيرة، والتخلص من الديون الأكثر خطورة على المستقبل المالي، وعلى الرغم من كل المصاعب التي تحدث في مرحلة تسديد الديون، إلا أن الوصول إلى حالة التحرر المالي سيمكنك من إعادة بناء الميزانية المالية، والبدء من جديد في تحقيق الأهداف المالية الأخرى.
وتحدث العديد من الأخطاء في مرحلة تسديد الديون، يجب تجنبها، بغية تفادي تفاقم المشاكل المالية، ومن تلك الأخطاء:
التأخر في تسديد الدفعات اللازمة
يعتبر التأخر عن تسديد الدفعات المالية المترتبة على الدين، من أسوأ الأمور التي يمكن اقترافها عند الوقوع بأزمة ديون، فالكثير من الديون يترتب عليها رسوم إضافية أو أسعار فائدة تتراكم كلما تأخر المستدين عن الدفع، لذلك يعد وفاء الدفعات في أوانها من أهم الأمور عند التخطيط للتخلص من مشاكل الديون.
التباطؤ بدفع الديون ذات الفوائد المرتفعة
يميل الكثير من الناس إلى تسديد الديون ذات الفوائد المنخفضة، ومن ثم يهملون الديون التي تراكمت عليها الفوائد ذات السعر المرتفع، وبالتالي تزداد أسعار الفوائد بشكل كبير، ومن ثم يصبح التسديد السريع أمراُ صعباً، لذلك من الأفضل البدء بالديون ذات الفائدة الكبيرة والتخلص منها أولاً.
دفع الحد الأدنى من الديون
يقصد بدفع الحد الأدنى، تخصيص مبلغ صغير جداً للديون، لدفعه شهرياً، بغرض تحقيق قدرٍ من الراحة المالية طيلة الشهر، بيد أن هذا الأمر يؤدي إلى إطالة أمد الديون فبدلاً من انتهاء الدين بسنة واحدة سيحتاج إلى سنتين أو أكثر، وينجم عن ذلك ارتفاع في سعر الفوائد، وتقييد الميزانية والخطط المالية، والفشل في تحقيق الأهداف المالية الأخرى.
الاستمرار باستخدام بطاقة الائتمان
يعد الاستمرار باستخدام بطاقة الائتمان من أكبر الأخطاء التي يقع بها الناس وهم يواجهون أزمة الديون، إذ إن مرحلة تسديد الدوين تتطلب حسر الديون بحيث تثبت عند رقم معين، بغية توجيه الأموال والجهود لتسديدها، أما استخدام بطاقة الائتمان في مرحلة كهذه سيكون طريقاً لتفاقم أزمة الديون والوقوع في عجز مالي كبير، والسبب في ذلك هو أن بطاقة الائتمان تعطي الشعور بأنها مصدرٌ مفتوح للمال بحيث ينسى صاحبها أنه يراكم ديوناً إضافية على دخله.
استخدام أموال التقاعد أو التأمين
يلجا معظم المستدينين إلى الحسابات الخاصة بأموال التقاعد أو التأمين الصحي أو الاجتماعي، فيسحبون منها الأموال بغية تسديد الديون، لكن هذا الأمر له عواقب مالية وقانونية، فربما يترتب عليه ضرائب السحب المبكر، كما سيكون له نتائجه على المدى البعيد، إذ إن السحب المبكر سيؤدي إلى استنفاد أموال التقاعد ومن ثم الوقوع بأزمة ديون أخرى في مرحلة التقاعد، واستنفاد أموال التامين الصحي أو الاجتماعي سيقود إلى الحاجة للاستدانة من أجل تغطية النفقات الصحية المرتفعة.
عدم إنشاء ميزانية
من الصعب السيطرة على الأموال إن لم يكن لديك ميزانية، فالشؤون المالية الأخرى كالفواتير الشهرية أو اليومية، بالإضافة إلى النفقات التي تخص أساسيات العيش اليومية، تثقلك عند تسديد الديون، إن لم تكن منظمة جيداً، لكن إذا كنت تملك ميزانية تتابعها شهرياً، وتجري التعديلات اللازمة عليها وفق التغيرات المالية، ستتمكن من التخطيط بدقة أكثر لتسديد الديون المتراكمة، كما أن هذا الأمر سيساعد -بعد الانتهاء من الديون- من الاعتماد أكثر على النقد، وهو ما يجعل مستقبلك المالي في مأمن.
لكن الخبراء الماليين يختلفون مع هذا الخطأ الأخير:
يناقض الخبراء الماليون فكرة أن الميزانية من أهم الخطوات التي يجب التفكير بها عند تسديد الديون، وحول ذلك يتحدث الخبير الاستثماري والمستشار في شركة “دي دبليو غود انفيستمنت”، لازلو زوجكا قائلا: رأيت ان أكثر الأمور التي يلجأ إليها الناس لمواجهة الديون، هي تنظيم ميزانية بغية وضح قيود على الإنفاق، والتوصل لخطة فيما يخص التخلص من الديون ضمن إطار زمني معين، لكن أكثر الناس سرعان ما يخرجون عن تلك الميزانية، ولا يستطيعون الإكمال وفقاً لها، ومن ثم ينصح زوجكا بطريقة أخرى بدلاً من الميزانية، وهي الادخار، وذلك كالتالي:
على الناس البدء بالادخار بنسبة 5% أو 10% من الدخل، والنفقات الثانوية كأعياد الميلاد، والترفيه المبالغ به، ومن ثم يقول: إن الناس ينفقون كل المال الذي بحوزتهم مهما كان حجمه، إذا لم يكن هناك ما يفرض عليهم ادخاراً منظماً، فنسبة ال10%، يمكن ان تكون هي الضابط، كما يمكن وضع خطة ادخار تتمثل ذخيرتها، بنسبة صغيرة من كل خطة مالية كبرى، كأخذ القليل من المال المخصص لمرحلة التقاعد، وبعد ذلك يجب إنشاء صندوق خاص بتلك المالية، والتفكير ببطاقة الائتمان وما يترتب عليها من فوائد، ومن الأفضل أن تكون أول ما يسدد من الديون، ويمكن القيام بذلك من خلال ذاك الصندوق، كما سيجد الناس أن هذه الطريقة على المدة الطويلة ستخلق عندهم عادة الادخار التلقائي، وسيكون المال الموفر على المدى البعيد مبلغاً كبيراً، ومن هنا يمكن الحديث عن:
تحقيق التوازن بين تسديد الديون والادخار
تدعو معظم الظروف إلى تقديم الادخار على تسديد الديون، وكذلك بالنسبة للديون، لكن الأفضل هو تحقيق التوازن بين الأمرين، فوجود مدخرات كافية يحقق نوعاً من الاستقرار، كذلك التخلص من الديون يعتبر من أهم الامور لتحقيق الأمن المالي والاستقرار خلال الحياة اليومية، ويمكن تحقيق التوازن بين الأمرين بعدة طرق أهمها التخطيط المالي الصحيح من حيث التقسيم المتوازن لأموال الدخل عبر تخصيص مال يدخر لأجل الحالات المفاجئة أو من أجل تحقيق أهداف شرائية معينة، ومن ثم تخصيص مبلغٍ من المال لتسديد الديون، بالإضافة إلى تحقيق التوازن بين الديون ذاتها من حيث تقديم دين على دين وفقاً لأهمية كل منهما ووفقاً للقدرة المالية.
كوّن صورة واضحة عن القدرات المالية
يؤكد خبير التسويق والإدارة المالية الكندي ويليام أكوتو، أن الأهم من خطوة البدء بالادخار لتسديد الديون، تكوين صورة واضحة ودقيقة عن القدرات المالية المستقبلية والحالية، إذ يقول: “إنه من الصعب القيام بأي خطوة مالية دون معرفة الأموال الموجودة، وإمكانية الابتعاد عن الاقتراض، فالديون هي مزيج من التكلفة العالية، والائتمان الضعيف، وانعدام الثقة بكفاية الأموال للطوارئ”.