الموسوي عن قانون الحق في الوصول للمعلومات: الوضع لن يستقيم إلا إذا كسرنا محميات الفساد
اعتبر النائب ابراهيم الموسوي أن “لبنان لديه ترسانة كاملة من القوانين واقتراحات القوانين ولكن العبرة في التنفيذ والتطبيق”، مضيفا “أن كتلة الوفاء للمقاومة سجلت لدى الأمانة العامة لمجلس النواب قبل أيام طلب انشاء لجان تحقيق برلمانية حول مواضيع عدة منها موضوع شركتي الاتصالات ألفا وتاتش، وأعمال مجلس الإنماء والإعمار والسدود والأملاك البحرية والجمارك، ونحن نعلم أننا نفتح أبوابا كثيرة قد لا تغلق”.
كلام الموسوي جاء خلال جلسة حوارية حول “آفاق وتحديات تطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات” التي عقدت في مقر اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت – طريق المطار مع المحامي علي برو والإعلامية في قناة “المنار” منار صباغ، وهي الجلسة الحوارية الثانية التي تنظمها جمعية “لا فساد” ممثلة بالمدير التنفيذي جوليان كورسون ومكتب “اليونسكو” في بيروت ممثلا بمسؤول برامج الاتصال والمعلومات جورج عواد.
وقد أدار الجلسة مدير البرامج والمشاريع الميدانية في الجمعية أيمن دندش بحضور رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد درغام وعدد من رؤساء بلديات الضاحية الجنوبية وممثلين عن الأحزاب وإعلاميين وناشطين في المجتمع المدني.
استهلت الحلقة الحوارية بالنشيد الوطني، وقد رحب دندش بالحضور بكلمة أشار فيها إلى أنه “تم تشريع قوانين عدة في العامين السابقين تحت خانة الإصلاح السياسي والاقتصادي للنهوض نحو دولة المواطن والحكم الرشيد، وقانون “الحق في الوصول إلى المعلومات” وخصوصا أن تدفق المعلومة وإنسيابها بين الناس، يعتبر ركنا رئيسيا من أركان الديمقراطية”.
جلول
الكلمة الأولى كانت لرئيس اللجنة الثقافية في اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت زهير جلول الذي قال إن “اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية وجميع بلديات الضاحية تنشر موازناتها العامة ضمن القوانين المرعية الاجراء”، مضيفا أن “البلديات هي الإدارة الرسمية الأقرب للمواطن وبالتالي هناك وحدة حال ما بيننا وبين المواطنين”، لافتا إلى “أن الشفافية تشكل أزمة أساسية في عملنا، لأننا مؤتمنون على المال العام وهو ليس مجهول المالك كما يعتقد البعض”.
كورسون
من جهته، قال كورسون إن “الإصلاح الاقتصادي الذي وعدت به الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري، لا يمكن أن يتحقق من دون أن نسن قوانين تساهم في مكافحة الفساد وتعزيز مفاهيم الشفافية والمساءلة والمحاسبة”.
ولفت الى “أن القانون لا يحتاج إلى مراسيم تطبيقية لتنفيذه، الأمر الذي يبرز أهمية التصويت السريع على قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد واعتماد الخطة الوطنية للحق في الوصول إلى المعلومات، فلا نمو اقتصادي وبحبوحة اجتماعية من دون شفافية”.
عواد
وأشار عواد في كلمته الى “ان منظمة الاونسكو تسعى إلى بناء مجمتعات المعرفة مع الدول الأعضاء والأمم المتحدة وتعمل على دعمها وتطويرها، وتدعو إلى الوصول إلى المعلومات إلى الجميع من دون أي تفرقة”.
وأوضح أنه “وعلى الرغم من انتشار الانترنت في المجتمعات الريفية والحضرية لا سيما في الدول المتقدمة والنامية بين مختلف الأعمار والأجناس، إلا أنها لا تزال غير عادلة، وهذه المشكلة تكشف عن ضرورة اعتماد نهج جديد لمجتمعات المعرفة كما تم الترويج لها من خلال كتيبات الاونسكو لمجتمعات المعرفة”.
الموسوي
بدأت الجلسة الحوارية مع النائب الموسوي الذي قال “إن الفساد معشعش في كل مكان وهناك من يحميه والوضع في لبنان لن يستقيم إلا إذا كسرنا محميات الفساد”، موضحا من موقعه كعضو في لجنة الإدارة والعدل النيابية “أن اللجنة عقدت مؤخرا ثلاث جلسات استدعينا خلالها الجمارك، فحضر عنهم رئيس المجلس الأعلى للجمارك والمدير العام للجمارك، وعلى الرغم من الخلاف بين الرجلين، اتفقا في نهاية الجلسة على أننا يمكننا إدخال ما لا يقل عن مليار دولار إلى خزينة الدولة في حال ضبطنا قطاع الجمارك”.
ولفت إلى “أن هناك حديث دائم حول التهرب الجمركي والذي تبلغ قيمته مليار ونصف مليار دولار، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى 2 مليار دولار، فما بالكم إذا كنا نتحدث عن 500 مليون دولار من الأملاك البحرية، عدا عن الحديث عن الأملاك النهرية واستيراد النفط والاسمنت والذي تفوق عائداتهم مجتمعة 5 مليار دولار، ومن هنا تستطيع الدولة أن تضرب قدمها بالأرض لتضبط هذه القطاعات، بالإضافة إلى ضبط قطاع المصارف”.
وقال: “أن كتلة الوفاء للمقاومة رفعت شعار مكافحة الفساد منذ دخولها إلى السلطة في العام 2005، إلى جانب رئيس الجمهورية”، معلنا أن “نواب التيار الوطني الحر كانوا أول من وقعوا على ضرورة انشاء لجان تحقيق برلمانية، وطبعا هناك آخرين شاركونا التوقيع على هذه اللجان وهم كل من النواب حسين الحاج حسن، جميل السيد، نقولا نحاس، شامل روكز، حكمت ديب، آلان عون، فؤاد مخزومي، بوليت يعقوبيان، أنور الخليل، هاني قبيسي، وجهاد الصمد”، مضيفا “أن هناك كتل أخرى شاركتنا ضرورة وجود لجان تحقيق ولكن أقروا بعدم قدرتهم على التوقيع على هذه اللجان”.
وأشار الموسوي إلى أن “كتلة الوفاء للمقاومة ستفتح قريبا ملف مجلس الإنماء والإعمار نظرا لاختلاف المعايير الديمغرافية والمناطقية في توزيع الأموال”، معللا ذلك ب”أن منطقة بعلبك الهرمل حصلت على 10 مليون دولار لانشاء طرقات من أصل 200 مليون دولار”.
برو
على صعيد آخر، قال محلل النظم الإدارية في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية المحامي علي برو “ان قانون الحق في الوصول إلى المعلومات نافذ من دون الحاجة إلى إصدار مراسيم تطبيقية أو انشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد”، مشيرا إلى “أن اصدار المراسيم التطبيقية مطلوب لملء بعض الأمور الناقصة في القانون، إلا أن الأمر لا يلغي تطبيق القانون”، موضحا “أن الأصل كان حجب المعلومات والاستثناء في اتاحتها قبل إصدار القانون في العام 2017، ولكن بعد اصدار القانون أصبح الأصل إتاحة المعلومة والاستثناء في حجبها”.
ولفت الى أنه و”على الرغم من إصدار قانون “الإثراء غير المشروع” في العام 1959 إلا أنه حتى وقتنا هذا لم يتقدم أحد بأي شكوى بناء على هذا القانون”، موضحا أنه “يوجد في مصرف لبنان 75 ألف تصريح ذمة مالية، ولكن لم يفتح أي ظرف منهم حتى الآن، وهذا دليل على نقص النصوص القانونية”، معتبرا “أن قانون الإثراء غير المشروع قد صدر بهدف عدم تطبيقه، بحيث إذا أردت تقديم شكوى بالإثراء غير المشروع، يتوجب على المتقدم بالشكوى أن يضع كفالة مالية بقيمة 25 مليون ليرة لبنانية، ويجب تحديد الجرم في قانون العقوبات وربطه بالفساد”.
وأردف: “اننا بحاجة إلى إصدار بوتقة من القوانين التي تدخل ضمن سلة تشريعية لمكافحة الفساد، وكانت قد بدأت في العام 2017 بإصدار قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، ومن ثم اصدار قانون الشفافية في قطاع النفط وقانون حماية كاشفي الفساد في العام 2018، وقد رد رئيس الجمهورية مؤخرا في هذا العام قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لأسباب عدة”.
وتطرق الى “قانون البلديات الذي يتيح في المادة 45 منه حق المواطن بالدائرة البلدية أن يتقدم بالحصول على محاضر المجلس البلدي”، مشيرا إلى “أن البلديات نفسها، كاتحاد بلديات الضاحية الجنوبية سبق وعانت في الحصول على المعلومات حول بعض المشاريع الإنمائية من مجلس الإنماء والإعمار”.
وختم برو قائلا: “شهد الأسبوع الماضي حضور 120 شخصا إلى ورشة عمل عن موظفي المعلومات في ظل رفض بعض الأدارات تطبيق القانون والتذرع بالحاجة إلى المراسيم التطبيقية، في الوقت الذي لا يزال القانون بحاجة إلى الاهتمام الإعلامي لتعريف الناس على حقها بالحصول على المعلومات”.
صباغ
على صعيد آخر، قالت صباغ “ان الحصول على المعلومات في لبنان هو تحد حقيقي لكل صحافي”، مشيرة إلى “أن السلطات في المقرات الرسمية تحجب إمكانية الحصول على المعلومات، ونحن كصحافيين نعتمد على مراكز الأبحاث والعلاقات الشخصية مع بعض النواب، كي نكمل حيثيات ملف معين لكشف قضية فساد”، لافتة إلى “أن هناك شبكة كبيرة من الفاسدين عمرها سنوات وكأننا نحفر بالإبرة للحصول على المعلومة”.
وأشارت إلى “أن بعض الصحافيين في لبنان، وخصوصا الصحافيين المعتمدين في المقرات الرسمية يصبحون أبواقا لأصحاب المقرات”، موضحة أن “الصحافي في لبنان لا يقوم بالدور المطلوب منه، في الوقت الذي من المفترض القيام بدوره في مكافحة الفساد”.
وقالت صباغ: “إن الإعلام اللبناني يحمل مسؤولية كبيرة في مكافحة الفساد”، مضيفة “هناك صحافيون يقومون بجهد عظيم ولكن هناك من يهوى التشهير، ونهجنا في قناة المنار ألا ننتهج الابتزاز لتصفية الحسابات، كما تفعل بعض المحطات”.
وفي نهاية الجلسة الحوارية، جرى نقاش ما بين المحاورين والحضور شددوا فيها على “أهمية الحصول على المعلومات كي يتمكن المواطن من مساءلة السلطات بدءا من البلديات وصولا إلى أعلى المؤسسات الرسمية”.