سيدتي

كلمة وزيرة الدولة للتمكين الاقتصادي للنساء والشباب فيولات خير الله الصفدي

في ندوة حول "المرأة في رؤية المملكة العربية السعودية 2030"

كلمة وزيرة الدولة للتمكين الاقتصادي للنساء والشباب
فيولات خير الله الصفدي
في ندوة حول “المرأة في رؤية المملكة العربية السعودية 2030″
الاسكوا- بيروت/

” وجهُ أُمي وجهُ أمتي!”… تلكَ هيَ الصرخَةُ المدويّةُ التي أطلَقَها الفيلسوفْ اللبناني العالمي جبران خليل جبران، منذُ حوالي قرنٍ منَ الزمن، في خضمِّ المعركةِ التي اندَلَعتْ بين المُصلحينَ الاجتماعيين، دُعاةْ تحريرِ المرأةِ الشرقية، وبينَ من كانوا يُريدونَ لها أن تبقى أسيرةَ التخلُّفِ والجَهلِ وفي موقعٍ دوني، بإسمِ التقاليدِ الباليةِ وبإسمِ التعاليمِ الدينية، والدينُ من ذلكَ براء!

لم يكُن جبران، وهوَ يستعرِضُ حالَ أُمَتِه، يعني الأمَّ حصراً، بل إن صرخَتَهُ تطالُ المرأةَ مُطلقاً: سواءٌ أكانت أماً، أو زوجةً، أو أختاً أو بنتاً. ذلكَ أنَ المرأةَ هي المرآةُ التي ترى فيها الأمَةُ صورَتَها الحقيقية، كما ترى وجهَهَا من دون زيفٍ، بكُلِ ما ينجلي عنهُ من تجلياتٍ وأعراض!

ولا ريبَ أن قضيةَ المرأةِ في عالَمِنا العربي، كانَت ولا تزالْ في رأسِ الأولويات، مُشَكِّلةً تحدّياً كبيراً، من مُنطلَقِ كونِها نِصفَ المُجتمع، ليس من زاويةٍ عدديةٍ فحَسبْ، بل من مُنطلقِ الدورِ المُتكافئ الذي ينبغي أن تؤدّيهِ إلى جانبِ الرَجُل، وبما ينعَكِسُ بشكلٍ بنّاءٍ على مسارِ مُجتمعاتِنا في مُختلَفِ الميادينْ وعلى جميعِ الصُعُد.

تأسيساً على ذلِكَ، تكتَسِبُ هذه النُدوةُ أهميةً بالغةً، إذْ تأتي في إطارِ رؤيةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ 2030، خُطةً ما بعدَ النفط، القائمةِ على ثلاثةِ محاور: مجتمعٍ حيوي، واقتصادٍ مُزدَهِر ووطنٍ طموح.

هي رؤيةٌ تنطَلِقُ من الحاضرِ لتؤسِّسَ مستقبلاً واعداً للمملكة، بارَكَها غَداةَ إطلاقِها في نيسان من العام 2016، خادِمُ الحرمين الشريفين جلالةُ الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إذْ قال: “هدفي الأول أن تكونَ بلادُنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم، على كافةِ الأصعدة، وسأعملُ معَكُمْ على تحقيقِ ذلك”.

وقد كانَ لعرّابِ هذه الرؤيةِ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن يرى إليها حُلُماً كبيراً لأمَةٍ طموحةٍ، وهي من وضعِ مجلسِ الشؤونِ الاقتصاديةِ والتنميةِ الذي يرأسُه، فذهَبَ إلى القول:” إنها رؤيةٌ تُعبِّرُ عن أهدافِنا وآمالِنا، على المدى البعيد، وتستنِدُ إلى مكامِنِ القوةِ والقُدراتِ الفريدةِ لوطننا. وهي ترسمُ تطلُّعاتِنا، نحوَ مرحلةٍ تنمويةٍ جديدة، غايَتُها إنشاءُ مجتمعٍ نابضٍ بالحياة، يستطيعُ فيه جميعُ المواطنينَ (رجلاً وامرأة) تحقيقَ أحلامِهِم وآمالِهِم وطموحاتِهِم في اقتصادٍ وطنيٍ مُزدهر”.

أيها الحضور،
إن رؤيةَ المملكةَ العربيةِ السعودية 2030، على أهميتِها القُصوى، لن تتكامَلَ فصولاً من دونِ أن تُعيرَ المرأةَ ما تستحقُ من أهمية. هي مُسلَّمةٌ ، بل من الثوابِتِ، أدرَكَها واضعو هذه الرؤية، فكانت المرأةَ السعودية بنداً أساسياً في برامِجِها وفي أهدافِها، وصولاً إلى الارتقاءِ بواقعِها عَبْرَ تحقيقِ حضورِها الفاعل في الحياةِ العامة، ومن خلالِ تمكينها، على مستوى المشاركةِ الاقتصادية، ولن يكونَ ذلكَ إلاّ بتذليلِ العقباتِ والمعوِّقاتِ التي تواجِهَها.

ولا شكَ أنَ هذه الرؤيةَ بدأت تباشيرُها، على صعيدِ المرأة، ففي رصدٍ أوَّلي لأوضاعِ المرأةِ السعودية، غداةَ انطلاقِ الخطةِ، وعلى قاعدةِ قَرْنِ الأقوالِ بالأفعال، نجِدُنا أمامَ لوحةٍ تُبشِّرُ بالخير. ففي محورِ مُنتدى (About her) الأول، الذي عُقِدَ في العاصمةِ الأميركيةِ واشنطن، تتمثّلُ هذه اللوحةْ، بالمنجزاتِ النسوية الآتية:
– دخولِ ثلاثينَ امرأةٍ في عضويةِ مجلس الشورى السعودي.
– تعيينِ الأميرة ريما بنت بندر سفيرةً للمملكةِ العربية السعودية في واشنطن، وذلك لأولِ مرةٍ في تاريخِ المملكة، إذ أنها أولُ سَعوديةٍ تتقلَّدُ هذا المنصب.
– تعيينِ هند بنت خالد الزاهد وكيلةً لوزارةِ الخدمةِ المدنيةِ لتمكينِ المرأة.
– تعيينِ تماضر الرمّاح نائبةً لوزيرِ العملِ والتنميةِ الاجتماعية.
– تعيينِ نورة الفايز نائبةً لوزيرِ التربية والتعليم.
– تولت لُبنى العُليّان رئاسةَ مجلسِ إدارةِ “البنك الأول”، وترأسَت سارة السُحيمي مجلسَ إدارةِ شركةِ السوقِ الماليةِ السعودية “تداوُل”.
– تولّي هُدى الغصن منصباً قيادياً في عملاقِ صناعةِ النفطِ “أرامكو”.
– ريما الجفالي، أولُ سعودية، تُشاركُ في بطولة (Formula 4) في انكلترا، وذلك في نيسان الماضي 2019.
.. وإلى كُلِ ما ذكرنا من إنجازاتٍ نسويةٍ غيرَ مسبوقة، ثمةَ قراراتٍ حكوميةٍ تتوالى صدوراً، تُعزِّز وضعيةَ المرأة، وعلى سبيلِ المثالِ وليسَ الحصر: عدمُ مطالبةِ المرأةِ بالحصولِ على موافقةِ شخصٍ عندَ تقديمِ الخدماتِ لها، أو إنهاءِ الإجراءاتِ الخاصةِ بها، وإصدارِ رُخَصِ قيادةِ السيارات للذكورِ والإناث على حدٍ سواء، اعتباراً من تاريخ 24/6/2018، والسماح بتطبيقِ برامِجَ رياضيةٍ في المدارس، تطالُ الطالبات، ونظامُ مكافحةِ التحرشِ في الأماكنِ العامة…

كلُ أولئِكَ يندرِجُ في إطارِ حُريةِ عملِ المرأةِ السعودية، وحركَتِها، والاستقلالِ في التصرُفِ، فتُعطى حقَّها، كمواطنةٍ كاملةِ الأهلية.

أيُها الحضور،
لا شكَ أن رؤيةَ المملكة العربية السعودية 2030، بما يخصُّ المرأة، تتقاطعُ في جوانبَ كثيرةٍ مع أوضاعِ المرأةِ في العديد من البلاد العربية، وفي عِدادِها لبنان، تصديقًا لقولِ أمير الشعراء أحمد شوقي: “ولكن كُلُّنا في الهمِّ شرقُ!”.
من هُنا، فإننا، منذ تولينا وزارةَ التمكين الاقتصادي للنساء والشباب، وعَبْرَ الخطةِ الاستراتيجيةِ التي وضعنا، نبذُلُ ما بوسعِنا لتحسينِ أوضاعِ المرأةِ اللبنانية- والشبيبة عامةً- مُنطلقينَ من اقتناعٍ راسخٍ لدينا بأنه من العبثِ العبور إلى مجتمعٍ متكاملٍ متماسكٍ وبنّاء، ما لم تستطِع المرأة أن تجِدَ مكانَها الطبيعي في مجتمَعِها، فتضعَ يدَها بيدِ الرجل، لتحقيقَ هذا الهدف.
هكذا، تبقى قضيةُ المرأة هي المدخل، الذي لا بديلَ منهُ للوصولِ إلى مجتمعٍ سليمٍ مُعافى، وإلى وطنٍ يستطيعُ الدخولَ إلى العصر، وليسَ البقاءِ على هامشِهِ، وفي موتٍ سريري!

أيها الحضور،
إننا نتقدّمُ بجزيلِ الشكرِ من سفارةِ المملكةِ العربيةِ السعودية في لبنان، ممثَّلةً بسعادةِ سفيرها النشِط السيد وليد بخاري، وإذْ نثمِّنُ عالياً هذه الندوة المنعقدة، بدعوةٍ من السفارةِ السعودية ومن الاسكوا والتي حَرِصَ المنظمونَ على ان يكونَ هذا اللقاء الجامع التمثيلي، عربياً وعالمياً، على مستوى السُفراء ومنظماتِ الأممِ المتحدة والمجتمعِ المدني، نتمنى لكُم التوفيق وشكراً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى