ما بعد تقويض الكورونا…
ما بعد تقويض الكورونا
الحروب وسيلة استخدام القوة لتحقيق المكاسب السياسية والتي أهم برامجها الكسب الاقتصادي.
و سيرورة التطورات البنيوية لبلدان العالم فرادا و التخندقات العالمية كفرق مجتمعة تجعل ادواة الصراع تختلف زمانيا ومكانيا و كذلك التحالفات ولطالما سمعنا عن تهديدات جرثومية من قوى الاستكبار العالمي وكم من مرض خطير اقتنع الاغلبية بانه صناعة مخابر للربح عبر العلاج و تحديد ادوات الصراع يتحدد بالدول المستهدفة و التمهيد المناسب و التبرير المناسب من القيادة العالمية كدول بعد الحرب العالمية الثانية وصولا لتمركز الرأسمالية عبر المحتوى الامبريالي في الفترة الآخيرة في حالة تضليل مقصودة عبر الضخ الاعلامي لما سمي العولمة والتي هي كانت جسر عبور للوصول للأمركة شبه المطلقة وطالما كيست العولمة وصبغت بالمحتوى الإنساني نحو جعل العالم قرية واحدة وطالما خدع الكثيرون لتكون الولايات المتحدة المستغيد الاكبر عبر إستثمار ادوات طالما كانت إمبراطوريات ودول عظمى و بعد استثمار كل الادوات الهادفة لمسخ الهويات و إزالة الحدود و تشويه الأديان و تعميم ثقافة العنف و تجهيل العالم عبر سياسة القطيع و بعد أن قويت بعض الدول الطرفية البعيدة عن مركز القرار العالمي و الممتصة لفوائض العالم وخاصة بشرق آسيا و بعد أن كمل انتشار القوة العسكرية الامريكية و سيطرتها على منابع وطرق النفط والمحيطات و بعد أن كرست الاقتصاد الوهمي على حساب الاقتصاد الحقيقي القائم على الانتاج وبعد ان كرست مبدأ القيادة المنفردة للعالم عبر مؤسسات مسيطر عليها فرضت اجنداتها الاقتصادية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتحرير الاقتصاد بما يناسب المصلحة الامريكية و كل المؤسسات الدولية بما فيها مجلس الامن جاءت السنوات الأخيرة لتفريغ ماسمي العولمة من محتواها لافهام الجميع أن الولايات المتحدة مالكة القرار ومالكة للعالم ولا تقبل إلا بدور موزع للفتات ولا تقبل بمحاصصات وما شاهدنا من حروب فرض ضرائب و رسوم و تهديدات عسكرية ومضاربات تخفي وراءها السرقة المخفية لبورصات واسواق مالية و لعب باسعار الصرف و افتعال ازمات وتهديدات لتجميع القطيع ببوصلة البرغماتية الامريكية بعد ٢٠٠١ و غزو العراق وافغانستان و التهديد باللعب بكل دواخل البلدان عبر فرز شخوص معولمة وخاصة اقتصادية ركيزة لها بكل البلدان ومن يواجه و يقاوم يدمر و يتحول لصحراء جرداء و عبر قيادة الفوضى والتي تضعف الجميع و في ظل تنامي وعي جمعي عالمي عانى من التدمير الممنهج المعولم لاغلب القيم والاخلاق و تعميم الفساد ونشر الثقافة الغرائزية بكل ابعادها و بعد محاباة اعداء الامس و إعطاءهم ادوار و البدء بتقويض أصدقاء الامس وخاصة اوروبا العجوز لما تمثله من ثقل اقتصادي وان نويت سياسي عالمي يشكل خطر كبير وما يدر تقويضها من مكاسب عبر ملء الفراغ و كانت نقطة البدء عزل بريطانيا عبر الانسحاب من الاتحاد الاوروبي دولة الرفاه والاقتصادات المعولمة عبر المانيا قاطرة نموها و ايطاليا وفرنسا واسبانية و الدول الاخرى و بالتالي الفوضى بدواخلهم وزعزعة وحدتهم و محاصرتهم و تقويض اقتصادهم ذو مردود مستقبلي كبير و تغيير عالمي مزهر وهو ما الفيناه وما تكرس بعد إنعكاسات المرض الخطير و الذي بدء بالصين و تفشى باوروبا و العالم وسط عجز اوروبي عن المواجهة من دون مساعدات الصين وروسيا و بنتائج اقتصادية واجتماعية خطيرة بخسائر بكل القطاعات و بطالة مستفحلة و خوف كبير..
والكل يصرخ باعلى صوته جازما بما سيحصل وسط ترقب و ضبابية لا تخلو من تصريحات واتهامات بين الدول وخاصة الصين والولايات المتحدة..
ولكن العقلانية تقتضي الكلام الواقعي والتوقعات المعقولة..
ولا جذم بالنتائج لانه حتى بعز القوى المعروفة كانت البدائل هي التي توضع استراتيجيا عبر مقدمات ونتائج ..
من المنطقي بعد كل الخضات و الاهتزازات ان يعاد النظر بالصيغ الحاكمة للعالم و خاصة النظر في فكرة الراسمالية كنظام قادر علي الإدارة الإنسانية و على اصحيته بالاستمرار لقيادة العالم البشري رغما عن توحش النظام ولا إنسانية مخرجاته ولكن من المنطقي عدم الحلم
بأن تكون الأنظمة الشمولية بديلا عبر مساواة الوباء بين الطبقات وتحيزه ضد المرفهين سابقا من كبار السن في بلاد الاغتناء ولكن قد تقل سلطة القطاع الخاص وشراهته ويتراجع دور رجال الاعمال والسماسرة وربما تقل المدارس والجامعات الخاصة ليعود للتعليم الحكومي دوره البناء ولكن بطريقة اكثر وعيا
وربما يعاد النظر بكل منظومات الصحة والتي كانت عبارة عن تجارة وربح على حساب الانسانية و تقويض دور القطاع العام الحكومي وجعل الموت عادة و انقطاع سبل العلاج اعتياد وما وجدناه من انتشار للمرض غالبا مبرمج
ربما قد يكون حروب جديدة بغيدة عن الحروب التقليدية وحتى التهديدات النووية
وقد تعود الفكرة القائمة على ان الاستثمار الحقيقي للإنسان وإعادة القيمة للأنسنة بعد ان اصبح الإنسان الآلي هو الهدف والغاية لتوفير المال ويعود العامل والحرفي والمزارع والطبيب والمهندس وغيرهم ادوات وغاية التنمية .
وبالتالي يبقى السؤال الاهم كيف سيكون وضع العالم بعد الانتهاء من جائحة الكورونا ..
هل سيبقى على حاله بتوازناته وضمن العقلية المتوحشة اللا إنسانية واللاشرعية غالبا وسط مخرجات ادوات .
ام سيكون هناك السير نحو عالم جديد ، وأكثر عدالة ، وأقل حروبا ، وأكثر توافقا ، وأقل وحشية ، وأكثر إنسانية
ام سينجم زيادة من الغطرسة والتوحش والتوحد للولايات المتحدة الامريكية بسبب إضعاف منافس قوي ولو كان بخندقهم تاريخيا هو الاتحاد الاوروبي و تقاسم اسواقه ومنتجاته ونفوذه مع دول نافذة كالصين وروسيا بدلا من علاج منعكسات الكورونا بسبب شح الموارد ، وركود الاقتصاد العالمي ، وكساد الأسواق ، وارتفاع معدلات البطالة ، و زيادة منسوب الفقر .
إن التغيير العالمي بحاجة لتحالف قوي يعمل لتقويض ادوات الولايات المتحدة المتمثلة بالسيطرة على المؤسسات الدولية عبر قوتها العسكرية والسيطرة على الدولار وعلى الاسواق المالية العالمية و توزيع ادوات بكل البلدان وهذا يرجع لموقف كل من روسيا والصين واستراتيجتهم. وطالما بقي الدولار هو المسيطر والبورصات والاسواق المالية و المؤسسات الدولية مقوضة فلا جديد وإنما العكس هو الاصح قبل تغلغل الكورونا بالولايات المتحدة وضعت اجندة العلاج الاقتصادي و تفريغ انعكاساته الاجتماعية عبر ضخ ٢٢٠٠ مليار دولار واحتمال زيادتها ل ٦٦٠٠ ولكن لننتظر الرسالة الوحيدة والتي سطعت ان الداخل الامريكي ليس بمامن وهو ما كان بيضة القبان حروب بعيدة عنه.
من دون إعادة الهويات الوطنية و تفريغ العولمة من ادواتها بنهج اقتصادي يراعي الخصوصيات و محقق للقضايا الشعبية الاجتماعية و الاقتصادية و تقليل ارتباط الاقتصاد والمال بالشبكة العالمية والاحاطة بالفساد و إعادة تنشئة جديدة ضد ثقافة العنف والتجهيل وارجاع روحانية الاديان وتقوية الأحزاب والمنظومات فالأمل قليل.
من دون مقاومة عالمية مبرمجة و ممنهجة للولايات المتحدة الاتجاه نحو توحش اكتر وقد تخف عن الدول الطرفية بصراع الكبار..
المهم ما بعد الكورونا هو تكريس لقوة الامركة ام اتجاه نحو توازن دولي.والجواب بحاجة لمعرفة قيادة العالم منظومة راسمالية امبريالية امريكية .ام عالمية..
د. سنان علي ديب