“علينا ألا نتطلع إلى السقف فقط!”..
د . مشيرة عنيزات تكتب: طلال أبوغزالة يقول
لقد قيل في الروم بأنهم أسرع الناس إفاقة بعد المصائب، وأن الحضارات التي انتصرت في القدم والرسالات الخالدة، لم تنتصر بالمال والثروة وحسب، ولكن انتصرت بقادتها ومفكريها.
فمن يدّع أن الثروة تأتي مرة واحدة، وأن الأغنياء هم أكثر راحة وأكثر سعادة وأن من ولد فقيرًا، عاش فقيرًا؛ مثله كمثل من اشتغل بناقة البسوس!
نعلم أن يومنا قبل كورونا لم يكن يوما عاديّا، لم نكن بشعر بعظمة العمل، كان الخروج من البيت والذهاب للعمل نعمة، حتى ولو صاحبها التأفف والتعب، وأيقينا بعد كورونا أن يومنا في الحجر، أيضا ليس يوما عاديًا. نجلس في المساء نندب حظوظنا ونتلوى من قلة الحيلة
والفراغ، حجتنا أن لا شيء لننجزه. نتمنى أن تعود بنا الأيام إلى ما قبل كورونا.
تفشت السلبية ولم نعد ننتظر إلا عدد المصابين وعدد الضحايا بسبب فايروس كورونا. ما أرصده بعيني، أننا ” لم تتضرع لننجو، ولا أفقنا من غفوتنا”: ساكنون بلا حراك، ننتظر ما ستحدثه الجائحة فينا، فقط نشكو الحيلة وقلة المال والعمل.
الحجر، لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي، ومكفهري الوجوه، ونسلم أمورنا ونتركها للوقت والزمن، فلا بد أن نفكر جليًا بتطوير أنفسنا وتغيير أسلوب حياتنا.
وما أكثر النعم التي لم ندرك قيمتها إلا في زمن الكورونا! جمال هذه النعم يتجلى في قول طلال أبوغزاله، وهو من يذكرنا مرارا وتكرارا، ويحدثنا بلغة الأب الناصح المرشد، ولا يبتغي من نصحه إلا مصلحتنا ورضا الله “أريد أن أذكركم أنه حتى في الركود الاقتصادي توجد نعمة، وفي أشد الأزمات توجد نعم. ولكن أقول ان أمامنا قصة حقيقية ليست مشكلة انهيار بنوك ولا مشكلة أزمة مال. أمامنا قصة تحوّل تاريخي في كل ما يتعلق بالبشرية من اقتصاد وأسلوب حياة ومعيشة”.
لنستغل هذه النعمة ونجعل كل يوم في الحجر هو يوما جديدا! إن المشكلة ليست في الموارد وليست بالإمكانات وليست بالأزمات أيضًا.
إنها الرغبة بالتغيير، الرغبة بأن تجد لنفسك مكانا وسط الزحام، وأن تخرج من دياجير الظلام وتضع خطة لتطوير ذاتك، وتستغل هذا الحجر لتكون منتجا.
فهو من يقول أيضا، “إذا أردت أن يزداد راتبك، فيجب أن يزداد إنتاجك”.
إن ما يهلك الثمر هو المطر الغزير المتدفق، كذلك الترقب وقلة الحيلة لا تجلب إلا الهلاك، كن منتجا لا تجعل يومك يمر دون رذاذ، لأن الرذاذ هو من يفيد الزرع عندما يتسلل إليه برفق.
أختم قولي مقتبسة مما قاله طلال أبوغزاله في استغلال الأزمة وتحويلها إلى نعمة: “في الوقت الذي طُلب إلينا أن نحجر أنفسنا، علينا ألا نتطلع إلى السقف فقط! بل أن نعمل ونحن في الحَجْر، لنستمر في بناء مسيرتنا”.