قسم الإستشارات والتدريب

القروض .. نعم أم لا ؟

القروض .. نعم أم لا ؟
بقلم
الدكتور / يسري الشرقاوي
مستشار الاستثمار الدولي
رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين الافارقة EABA

في ظل جائحة كورونا ومتابعة اعراض المرض علي الاقتصاديات العالمية والاقتصاد المصري , وبعد مرور 4 شهور متتالية بلغت الازمة فيها الذروة ومازلنا في قلب الاحداث وتتوالي التأثيرات , سنستعرض في مصر حالة الدين العام ومبدأ وفلسفة الدخول الي الاقتراض واللجوء في الفترة الأخيرة الي استخدام 10 مليار دولار من الاحتياطي مع اقتراض بحدود 8 مليار دولار وطرح سندات دولارية ب 5 مليار دولار ؟ الكل يسأل عن الموقف ؟ والي اين البوصلة؟ وماهي المخاطر والتحديات ؟ لكي اوضح رأي في هذا الامر ،، قبل شرح هذا الموضوع الذي له جوانب عديدة جدا دعوني فقط أؤكد علي المسلمات الاتية في المقدمة :-

١- في مناقشة هذه القضية الهامة ليس من يؤيد  فيها القروض يُطبّل او مع النظام وليس من ضد القروض معترض او معارض او ضد النظام لان هذه النقطة اصبحت قضية شائكة جدا في مناقشة كل قضايانا.. والسوشيال ميديا مليئة بالعيون البصاصة ،،  والتي تفهم ما بين سطور مناقشة القضايا خطأ وتوزع علي نفسها وذويها صكوك الوطنية فقط.

٢- الاقتراض  والتمويل الائتماني مبادئ اقتصادية و تجارية ومعروفه ومسلم بها  في عالم المال والاعمال ، فعلي سبيل المثال اي تاجر او اي مستثمر يعمل له وعليه , فالفكرة ليست مرفوضه لأنه  هناك فارق كبير بين المدخر او الكانز ..والتاجر!! ،، لكن نحن نقيم في قضيتنا دوما شطارة التاجر وحسن تدبيره في ادارة المديونية للغير وتحصيل مديونيته الخارجية لدي الغير وحفاظه علي التدفقات النقدية المتوازنة بشكل يضمن له استدامة المعيشة وتنمية اعماله شريطة ان تكون له عضلات وقدرة علي السداد والالتزام للحفاظ علي سمعته لدي التجار في الاسواق المحلية والعالمية
انتهينا من هذه المقدمة لنتحدث عن موضوعنا في مصر ،،، 
١- تقيم حساسية وخطورة حجم الدين :-
الدين الخارجي اقترب من ١٢٠ مليار دولار نهاية مايو ٢٠٢٠ ،، والداخلي ٤.٢ تريليون جنيه  اجمالا واري اننا تقريبا تخطينا حاجز حجم الدين كأجمالي ٩٠٪؜ من الناتج المحلي الاجمالي هذا وفق تقرير البنك المركزي المصري الصادر في ابريل 2020 لكن المرجعية فيه الي ديسمبر ٢٠١٩ ،، لذا اتوقع بعد التحديث  وفي ظل خسائر كورونا ان يصل الي حجم الدين العام الي ١٠٠٪؜ من الناتج المحلي الاجمالي.
من هذه الزاوية وهذه النقطة المتعلقة بحجم الدين  فيمكن ان نقول وصل لمعدلات  علي حافة الخطر  قياسا بالمعدلات القياسية العالمية  ،، وبمعني اصح اضاع مكتسبات ما قدمناه في اخر ٥ سنوات في نتائج الاصلاحات الاقتصادية فيما يتعلق بخفض الدين العام منسب للناتج المحلي الاجمالي وكدنا في هذا الصدد ان نحقق نسبة ؜تقترب من حجم الدين العام ٨٥٪؜ من اجمالي الناتج المحلي لمصر بنهاية ميزانية ٢٠١٩/ ٢٠٢٠

٢- اتصور ان هذا العام والعام المقبل مصر لديها التزامات في الانفاق علاوة علي سداد ديون سابقة بفوائدها منها ما هو مجدول ومنها ما هو مسحوب في الخمس سنوات السابقة واصبح هناك استحقاقات ستجعل هناك صعوبة بالغة في ادارة التدفقات النقدية للدولة لعبور هذه المرحلة الهامة والتي ستؤثر علي حياة وحركة الاقتصاد للجميع ,ومما سيضاعف من حدتها ان المواطن الذي كان بطل ملحمة خمس سنوات ف العبور ف مسار الاصلاح الاقتصادي ما لبس  ان يتنفس الصعداء الا وجاءت الجائحة وحجم المتغيرات الاقتصادية فوق حجم استيعابه ومعدلات الفقر وذوبان الطبقات المتوسطة سيبدأ في العودة ،، واتوقع ان الدولة ستفقد ١٥٠ مليار جنية من الناتج المحلي الإجمالي علي الأقل , وعليها ايضا ان تضخ ما يقرب من ٢٠٠ مليار جنية اخري بخلاف ال١٠٠ مليار جنية التي كانت قد رصدتها في بداية الجائحة للحفاظ علي التسير الكمي للاقتصاد وابعاده عن الركود ،، في نظري ان اصعب عملية قادمة هي ادارة التدفقات النقدية لمصر في هذه الازمة. 

٣-  اذا قيمنا الموقف من باب تغطية نفقات الدولة في الموازنة القادمة في ظل ضعف الايرادات المتأثرة بالإيراد الضريبي وهو شريان الميزانية الأساسي الذي سيتأثر بالطبع سلبا بحركة الاقتصاد وايضا المصادر الأخرى للإيراد مثل دخل قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج وجذب الاستثمارات الاجنبية ,,فهذا سيؤكد اننا ليس امامنا اي حلول سواء الاقتراض الخارجي وهنا اذا اتفقنا علي المبدأ سننتقل الي نقاط فنية اخري تتعلق بحجم وطريقة القرض وشروطه وسنوات وانظمة السداد وحجم وقيمة السندات الدولارية التي ستطرحها دوليا ونسبة العائد عليها وفقا للأجل المطروح وهذا عنصر مهم وكلها عناصر فنية هامة جدا سوف تُظهر مهارة وامانة ودقة العباقرة في الادارة المالية والنقدية والتخطيط للدولة , التقشف للمصروفات الحكومية ضرورة حتمية لا مفر منها .
٤- العالم الذي شهد الكساد الكبير قبل ١٠٠ عام والان اطلقوا عليه العزل الكبير  ،، لذا علي الجميع دولة ممثلة ف حكومة وشعب بشقيه القطاع الخاص والقطاع العام ،الاقتصاد الرسمي والغير رسمي عليهم استيعاب التحدي وعلي الحكومة ان تعلم انها امام كشف حساب لمارثون افتراضات مزمنة بدأت قبل ٦٠ عاما نتيجة قرارات او توجهات للخدمي ع حساب الانتاجي وللترفيهي علي حساب الخدمي ،، الخ ،، لذا الامل معقود علي الاقتراض من اجل تطوير الإنتاج الحقيقي الزراعي والصناعي والتجارة الخارجية والتصدير  وبسرعة ودقة وجودة فائقة والا ستدخل في مضاعفات لحجم الدين العام بشكل يُعقد موقفك السياسي في دوائر اتخاذ القرار العالمي لاسيما ان مصر تعمل الان وقيادتها لا تنام علي مدار الساعة في ظل تحديات وظروف جيوسياسية لم تشهدها ف تاريخها الحديث
 
الخلاصة :-
القروض في هذا التوقيت شر لابد منه تحتاج كل واحدا فينا حكومة وشعب أن يُعرب عن قلقة ويستنفر قواته ويفكر جيدا حتي نعود الي ما قبل الجائحة ونأخذ طريق العودة نحو خفض نسبة الدين العام منسب للناتج المحلي الاجمالي وهذه المعادلة لن تتحقق الا بوقف الاقتراض مع الالتزام بالسداد. ، ومضاعفة الانتاج والتصدير ،، وتقوية المصادر الدولارية للدولية من قطاعات غير تقليدية والتنوع ف الاقتصادات الحديثة… 
– اقتصاديات الصحة العامة والتعليم – الاقتصاد التشاركي – الاقتصاد المعرفي والرقمي
– اقتصاديات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي ف الطب والدواء والبحوث الدوائي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى