النظام الصحي يئن في البرازيل…
النظام الصحي يئن.. هذا ما جنته البرازيل بعد الاستهانة بالوباء وتجاهل التطعيمات
تعاني البرازيل، التي تشهد انتشاراً متزايداً لفيروس كورونا، من انهيار في نظام الرعاية الصحية، حيث بلغت سعة أقسام الرعاية الحرجة أكثر من 90% في ثلاثة أرباع عواصم الولايات، وبالإضافة إلى ذلك تواجه المستشفيات أزمة في إمدادات الأكسجين والأدوية اللازمة، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية
وتعد البرازيل ثاني دولة في ارتفاع معدل ضحايا فيروس كورونا بعد الولايات المتحدة، حيث تجاوز عدد الوفيات حاجز الـ300 ألف وفاة.
نقص في الأطباء
ومن أكثر التحديات التي تواجه نظام الرعاية الصحية في البرازيل نقص الأطباء، حيث أدى الفشل في توظيف المزيد من العاملين الصحيين في جميع أنحاء البلاد إلى زيادة الضغط على العاملين في هذا المجال.
وفي الأسابيع الأخيرة واجه الأطباء في البرازيل عدة صعوبات في التعامل مع العدد المرتفع من المصابين، حيث اضطروا إلى القيام بضخ الأكسجين إلى رئتي المرضى يدوياً، واضطروا إلى اتخاذ قرارات مؤلمة تتعلق بإنقاذ المصابين الذين لديهم فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة على حساب كبار السن والمحتضرين.
حصار وصدمة
وتسبب وباء كورونا في جميع بلدان العالم في ما يسمى بالصدمة الجماعية للعاملين في الخطوط الأمامية، إلا أن الظروف الاستثنائية في البرازيل، والنقص الحاد في الإمدادات، واستجابة الحكومة السيئة، والتجاهل، وبطء التطعيمات، جميعها تركت الأطباء والممرضات يشعرون بالحصار.
ووجد الباحثون في إحدى الدراسات الحديثة، أن حوالي 9 من كل 10 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، أفادوا بأنهم تعرضوا للاهتزاز العاطفي بسبب ظروف العمل أثناء الوباء.
وقال باحثون آخرون إن أكثر من نصف المشاركين من ولاية سيارا أظهروا مؤشرات على وجود أمراض عقلية بما في ذلك القلق والاكتئاب والأرق والتفكير في الانتحار وعلامات اضطراب ما بعد الصدمة.
وقالت ريناتا سانتوس رئيسة مجلس إدارة منظمة أطباء بلا حدود في البرازيل: «لقد عملت في العراق وأفغانستان، وعملت في مناطق تشهد صراعات نشطة، لكن ما أراه في تقرير العاملين الصحيين هو شيء لم نشهده من قبل».
وقال روميو زيما حاكم ولاية ميناس جيرايس: «لقد قمنا بزيادة عدد وحدات العناية المركزة وأسرة المستشفيات، ولكن الآن وصلنا إلى نقطة حيث لا يوجد المزيد من الأطباء».
أبلغت وحدات العناية المركزة في العاصمة و16 ولاية أخرى، عن نقص حاد في الأسرة، وفي ولاية ريو غراندي دو سول، تضاعفت قائمة الانتظار لأسرة العناية المركزة خلال الأسبوعين الماضيين لتصل إلى 240 مريضاً جميعهم في حالة حرجة.
وفي أحد المستشفيات الواقعة في مقاطعة بورتو أليغري، أصبح قسم الطوارئ عبارة عن جناح لمرضى كوفيد-19، حيث تلقى العديد من المرضى الرعاية على الكراسي بسبب عدم توفر الأسرة.
وفي الأسبوع الماضي تم بناء مستشفى ميداني خارج المستشفى، إلا أن المسؤولين قالوا إن مساحة الأسرة الإضافية قليلة الفائدة مقارنة مع الطاقم الطبي.
ويعد هذا الانهيار فشلاً صارخاً لبلد كان في العقود الماضية نموذجاً للدول النامية الأخرى بإدارة الأزمات الطبية كفيروس نقص المناعة البشرية وتفشي فيروس زيكا.
لا مجال للإغلاق
وقال أحد المسؤولين إن الإغلاق سيؤدي إلى تجويع الناس، وأكد أن 40% من الاقتصاد هم قوى عاملة يحتاجون للخروج للعمل من أجل تأمين قوت يومهم.
وقال الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، إن الإغلاق لا يمكن تحمله في بلد يعيش فيه الكثير من الناس في فقر.
ويقول علماء الأوبئة إنه كان بإمكان البرازيل تجنب المزيد من عمليات الإغلاق في حال شجعت الحكومة على استخدام الأقنعة والتباعد الاجتماعي، وتفاوضت بقوة من أجل تأمين اللقاحات.
وبدلاً من ذلك قلل بولسونارو من أهمية أزمة كوفيد-19 ووصفها بأنها مجرد إنلفونزا، وشكك عدة مرات بفعالية اللقاحات المصنعة، ما أثار ردة فعل سلبية في المجتمع.
وقالت ناتاليا باسترناك وهي عالمة الأحياء الدقيقة في ساو باولو: «رفضت الحكومة في البداية تهديد الوباء والحاجة للتدابير، ومن ثم تناقض العلم من خلال الترويج لعلاجات غير موثوقة، هذا يربك السكان ويجعلهم لا يشعرون بالأمان».
وقال الدكتور ميغيل نيكوليليس، وهو طبيب أعصاب في جامعة ديوك، إن عدم الثقة في اللقاحات والعلم أمر جديد في البرازيل وميزة خطيرة في عصر بولسونارو.