سوريا.. 10 سنوات من الحرب تخطف فرحة رمضان
تغيّر وجه شهر رمضان في سوريا منذ عام 2011، فمنذ ذاك التاريخ أصبح الصيام والإفطار والعيد مصبوغين بلون الدم، وصوت المعارك التي عمّت أرجاء البلاد، ومع اكتمال العام العاشر للحرب، يصوم السوريون شهر رمضان هذا العام دون مظاهر احتفالية، أو حالة نفسية تسمح بممارسة الروحانيات، فشبح الحرب والأزمة الاقتصادية يخيمان على البلاد.
وفي دمشق، التي كانت عاصمة الدولة الإسلامية في أول قرون الإسلام، قال الداعية الإسلامي الشيخ عبدالرحمن كوكي، إن مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك تغيب تمامًا منذ بداية الحرب في سوريا عام 2011، فلا الناس مبتهجة، ولا الوجوه مبتسمة، ولا النفوس انصرفت إلى ما كانت تنصرف إليه قبل الحرب.
وفي العام 2011، تحولت حركة احتجاجات ضد النظام في سوريا إلى نزاع مدمر تدخلت فيه أطراف إقليمية ودولية وأسفر عن مقتل أكثر من 388 ألف شخص وتشريد الملايين
وقال كوكي لـ«الرؤية»، أن الهم الأكبر الآن هو الأمن، والرزق، والطعام والشراب، والوقود للتدفئة، أو البنزين للسيارت، والغاز المنزلي. مظاهر الاحتفال ليست موجودة، وأزمة كورونا فاقمت الأوضاع أكثر.
وأشار كوكي إلى أن أسعار المواد التموينية أصبحت تحديًا للناس، متابعا: «لا أرى بسمة على الوجوه، سألت الناس فوجدتهم يستقبلون شهر رمضان بكامل البرود وتبلد المشاعر، حتى من يريد أن يفرغ نفسه لتلاوة القرآن لا يجد هذه النفسية الجيدة، فالطمأنينة والسكينة والراحة كلها أمور غير موجودة؛ بسبب الحرب والأزمة الاقتصادية».
ومن مدينة القامشلي شمال سوريا، قال الخبير القانوني الدكتور ماهر تمران، إن ملامح الاحتفال بشهر رمضان تغيرت في عموم سوريا، فالحزن و اليأس يلف غالبية الوجوه، والتعب والشعور بالقلق يطغى على تعابيرها.
وأضاف تمران لـ«الرؤية»، أن الأحداث الموجعة خطفت فرحة الناس، وحياتهم الطبيعية، وعلاقتهم بالمناسبات والأعياد، «السوريون كانوا ينتظرون الشهر الفضيل بأجندات اعتادوا عليها لقرون، يطغى عليها احتفاؤهم بالصيام واستعداداتهم للإفطار، وكل هذا فقد بريقه وتوهجه بشكل كبير» فيما يرجع إلى حد كبير لسنوات داعش.
وكان تنظيم داعش استولى على مدينة الرقة (شمال) في يناير 2014 واتخذها معقلاً له في سوريا، قبل أن يعلن زعيمه السابق أبو بكر البغدادي من الموصل في يونيو إقامة “الخلافة” في مناطق سيطر عليها في سوريا والعراق.
واستمرت المعارك مع التنظيم على مدى سنوات بقيادة التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي شكلته واشنطن حتى الإعلان عن اندحاره في 2019 .
وفي أكتوبر 2019، قتل أبو بكر البغدادي في عملية عسكرية أمريكية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.
وأشار تمران إلى أن «سنوات داعش» كانت الأسوأ، وقال إن «التنظيم عاد بالسوريين إلى أنماط حياة القرون الوسطى في أبشع صورها، الإجرام كان نوعًا وكمًا خرافيًا، والقتل المتواصل حطم رمزية الموت كما نعرفه في العصر الحالي».