أخبار دولي
ملخص ما حدث أمس بتعطل خدمات فيسبوك عالميًا
ملخص ما حدث أمس بتعطل خدمات فيسبوك عالميًا
لقد اعتدنا في آخر سنتين أن يتّحد العالم أجمع على مصابٍ واحد مهما كان كبيرًا أم صغيرًا، وما الغريب في ذلك بعد انتشار السوشيال ميديا في كل بقاع الأرض والتي بدورها أصبحت الوسط الوحيد الذي يجمعنا للتعبير والعمل والتسويق والدراسة وحتى الرفاهية وكل شيء بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. أصبحنا جميعًا رهائن هذا الوسط الافتراضي الذي بتنا متمسكين به بشدة، فلا داعي لنكران ذلك! أصبح العالم متشابكًا لدرجة أنه إذا حدثت مشكلة في حيٍ غير معروف قريب منك يمكن أن يصل الخبر إلى أهم بلدان العالم في لحظات. وبالتأكيد أنك صادفت هكذا موقف كثيرًا.
لكن هذه المرة كان الموقف مختلفًا تمامًا، في يوم الإثنين الواقع 4 أكتوبر 2021 حوالي الساعة ٥ ونصف مساءً بتوقيت القاهرة، توقفت التطبيقات المملوكة لشركة فيسبوك وحتى أدوات التواصل الداخلي الخاصة بها عن العمل بشكلٍ كامل؛ بما في ذلك بعض التطبيقات الأكثر استخدامًا انستجرام وواتساب وماسنجر، ما أثر على المستخدمين على مستوى العالم
بات المستخدمون في تخبطٍ استمر حوالي 6 ساعات منهم مَن توجه إلى تيليجرام وآخرون إلى تويتر الذي استغل ما حصل بسخرية واضحة بتغريدة “مرحبًا بالجميع حرفيًا” بعد الزحف الجماعي الذي حصل على الموقع. بغض النظر عن تراجع أسهم فيسبوك وخسائر مدير الشركة التنفيذي مارك خلال ساعاتٍ قليلة لأرقام بعيدة عن مخيلتنا، هناك مَن يعتمد في عمله أون لاين ودراسته بشكل شبه كامل على هذه المواقع؛ هذا ما زاد التوتر ما بين المستخدمين خوفًا من أن يدوم العطل طويلًا خصوصًا بعد تصريح أحد الخبراء التقنيين بأن “الفيسبوك لم يتعطل، الفيسبوك اختفى من الإنترنت“! فمن بين مستنقعٍ من الأخبار والتصريحات والشائعات ما هي الحقيقة وراء كل ما حصل؟ كل التفاصيل سنبسطها لكم في هذا المقال.
حقائق خروج فيسبوك عن الخدمة
من بعد إبلاغ المستخدمين في جميع أنحاء العالم عن مشكلات في الوصول إلى تطبيقات فيسبوك بما فيها انستغرام وواتساب وماسنجر. واجه موظفو فيسبوك أيضًا مشكلات في الوصول إلى الأدوات الداخلية وحتى المناطق المادية داخل مكاتب الشركة. حيث أن الانقطاع أصاب موظفي فيسبوك الذين لم يشاركوا بشكلٍ مباشر في استكشاف الأخطاء وإصلاحها، ما دفع رئيس انستجرام، آدم موسيري، إلى التغريد قائلًا “إنه يشعر وكأنه يوم متجمد” بالنسبة للعمال.
قال مطور يعمل على منصات فيسبوك لموقع بيسنز إنسايدر: “لا يمكن للمطورين الوصول إلى تطبيقاتهم عبر الإنترنت لدفع إنشاءات جديدة، ولا توجد وثائق، ولا شيء. جميع خدمات منصة Oculus معطلة. لا توجد صور رمزية أيضًا”. كما تأخر موظفو الأمن على فيسبوك في أثناء تقييم الحادث لأن شاراتهم الرقمية توقفت عن العمل، ما منعهم من الوصول إلى خوادم فيسبوك، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز. وفُصل موظفو فيسبوك الآخرين من غرف المؤتمرات المتصلة بإنترنت الأشياء، حسبما غرد مراسل NBC News كيفن كوليير.
خرجت فيسبوك منذ قليل ببيان جديد لتوضح للجميع تفاصيل الكارثة! حيث قال “سانتوش جاناردان” نائب رئيس شركة فيسبوك: “خلال إحدى مهام الصيانة الروتينية، تم إصدار أمر بهدف تقييم مدى توفر السعة العالمية للعمود الفقري للشبكة (الـ backbone)، والتي أدت عن غير قصد إلى قطع جميع الاتصالات في شبكتنا الأساسية، مما أدى إلى فصل مراكز بيانات فيسبوك بشكل فعال على مستوى العالم”. بالطبع، فيسبوك لديها نظام لمنع تنفيذ أمر مثل هذا، لكن تبين ان هناك خطأ فني أو Bug سمح بحدوث الأزمة.
من ناحية أخرى، شارك موظفو الشركة وخبراء الإنترنت خارج الشركة بعض النظريات المنطقية. قال اثنان من أعضاء فريق الأمان في فيسبوك لصحيفة نيويورك تايمز، إنه من المحتمل ألا يقع اللوم على هجوم إلكتروني، لأنه كان من الصعب أن يستهدف هجوم واحد مجموعة واسعة من التقنيات الأساسية التي تأثرت في أثناء الانقطاع. بَل أحد الاحتمالات هو وجود مشكلة في الخوادم التي يديرها فيسبوك والمسؤولة عن إخبار مستخدمي الإنترنت بمكان العثور على المحتوى.
وقد غرّد جون جراهام كومينغ، كبير مسؤولي التكنولوجيا في CloudFlare، قائلًا: “اختفت فيسبوك والممتلكات ذات الصلة من الإنترنت في موجة من تحديثات BGP.” حيث يصف CloudFlare بروتوكول التوجيه BGP، أو بروتوكول البوابة الحدودية، بأنه هو “الخدمة البريدية للإنترنت … المسؤولة عن البحث في جميع المسارات المتاحة التي يمكن أن تنتقل إليها البيانات واختيار أفضل مسار لها”. فقبل انقطاع خدمة فيسبوك مباشرةً، قال كبير مسؤولي التكنولوجيا إن CloudFlare اكتشف “عددًا كبيرًا من تغييرات BGP (معظمها عمليات سحب المسار)” لأنظمة فيسبوك المستقلة – بشكلٍ أساسي، وأضاف: “لا نعرف سبب إجراء هذا التغيير. يمكن أن يكون نتيجة لتغيير داخلي أو تغيير على مستوى النظام أو تحديث منحرف”. “كل التكهنات في هذه المرحلة مشكوك بها. فيسبوك وحده يتحكم في سجلات DNS الخاصة به.”
ومن هنا نستنتج أن ما حصل ببساطة؛ خروج فيسبوك وما يتبعها عن العمل بسبب مشكلة في DNS (نظام أسماء النطاقات) أدت إلى حذف عناوين الفيسبوك من جداول التوجيه. أي يمكننا فهم المشكلة من خلال تشبيه فيسبوك ببناء كبير، يشكل مدخل DNS الباب لدخول هذا البناء، وبالتالي بمجرد حذف هذا المدخل من جداول التوجيه يعني أن البناء بقي على حاله ولكن اختفى الباب (أي اختفى عنوان فيسبوك، Facebook.com) وأصبح هذا البناء غير قابل للوصول إليه. أي كأن فيسبوك أزال نفسه من خارطة الإنترنت بسبب تحديث خاطئ لسجلات BGP، من هنا أتت التخبطات ما بين موظفي فيسبوك.
فلا داعي للانجرار وراء الأقاويل والإشاعات حول الهاكر الصيني والحرب السيبرانية وما إلى ذلك حتى يثبت العكس! لأن الإشاعات وصلت إلى حد الترويج لبيع عدد من نطاقات فيسبوك، وبدأ بعض الناس مزادات فعلية لشراء الدومين، وهذا نتج عن أن النطاقات لم تعد مربوطة ب IP في فترة الانقطاع وتظاهرت كأنها لم تعد محجوزة.
في البداية، كان رد الفعل المتسلسل الناتج عن انقطاع الخدمة بمثابة صداع كبير لموظفي فيسبوك. قال أليكس هيرن، المحرر في صحيفة الجارديان البريطانية، في سلسلة من التغريدات، إن الكثير من نظام تكنولوجيا المعلومات في فيسبوك يعتمد على فيسبوك نفسها. لذلك، قال هيرن، إذا قطعت الشركة عن غير قصد خوادمها من الإنترنت، فسيضعف ذلك أيضًا قدرتها على “تحديث” الإنترنت بالمعلومات الصحيحة، وتسجيل الدخول إلى أنظمة الفيسبوك لإرسال هذا التحديث، واستخدام شارة رقمية للوصول إلى غرفة الخادم حيث توجد أنظمة فيسبوك، وإرسال رسائل إلى فريق الأمان تطلّب منهم فتح الأبواب باستخدام مفتاح مادي!
تعمل خدمات فيسبوك أيضًا على دعم جزء كبير من الاقتصاد الرقمي، ما يعني أن الشركات التي تشغل إعلانات فيسبوك وانستغرام وتتواصل مع العملاء على المنصات قد عانت أيضًا من الانقطاع. كما أنه في أجزاء كثيرة من العالم، وخاصةً أمريكا اللاتينية والهند، يعد واتساب هو تطبيق المراسلة الأكثر شعبية ويستخدم على نطاقٍ واسع للتواصل الشخصي والمهني والسياسي، ما يعني أن انقطاع فيسبوك قد أعاق قدرة المستخدمين في تلك المناطق على التواصل مع بعضهم البعض. وقالت النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز إن استحواذ فيسبوك ودمجها لاحقًا لواتساب في بنيتها التحتية يعني أن جزءًا كبيرًا من نظام الاتصالات الرقمية العالمي يعتمد على فيسبوك – وقد تأثر عندما فشل.
كما مر الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكبيرغ وغيره من المساهمين في الشركة بيومٍ عصيب؛ فقد انخفض صافي ثروة مارك بمقدار 7 مليارات دولار يوم الاثنين مع انخفاض سهم فيسبوك بنحو 5٪. في المقابل شهد الإنترنت يومًا ميدانيًا، حيث توافدوا على تويتر ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى لنشر “الميمات” التي تسخر من الموقف.
صرحت شركة فيسبوك: “إلى المجتمع الضخم من الأشخاص والشركات في جميع أنحاء العالم الذين يعتمدون علينا: نحن آسفون. لقد عملنا بجد لاستعادة الوصول إلى تطبيقاتنا وخدماتنا ويسعدنا الإبلاغ عن عودتهم عبر الإنترنت الآن. شكرًا لكم لما تحملتموه معنا.” وصرح مدير الشركة التنفيذي مارك عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: “عاد فيسبوك وانستغرام وواتساب وماسنجر عبر الإنترنت الآن. نأسف للاضطراب الذي حصل اليوم – أعلم مدى اعتمادكم على خدماتنا للبقاء على اتصال مع الأشخاص الذين تهتمون بهم.”
كما شارك مايك شروبر، كبير مسؤولي التكنولوجيا في فيسبوك، وغرد: “*خالص* الاعتذار لكل من تأثر بانقطاع الخدمات المدعومة من فيسبوك في الوقت الحالي. نحن نواجه مشكلات في الشبكات وتعمل الفرق بأسرع ما يمكن لتصحيح الأخطاء واستعادتها بأسرع ما يمكن.” وتباع لاحقًا “عودة خدمات فيسبوك عبر الإنترنت الآن – قد تستغرق بعض الوقت للوصول إلى 100٪. أنا أعتذر لكل شركة صغيرة وكبيرة، وعائلة، وفرد يعتمد علينا.” بينما صرحت انستجرام: “يواجه انستجرام والأصدقاء بعض الصعوبات في الوقت الحالي، وقد تواجهك مشكلات في استخدامهم. تحمل معنا، فنحن نواجهه! #instagramdown.” وتابعت “انستجرام يعود الآن ببطء ولكن بثبات – نشكركم على التعامل معنا ونأسف على الانتظار!”
أما واتساب غرّدت: “عدنا الآن ونعمل بنسبة 100٪. شكرًا للجميع حول العالم اليوم على صبركم بينما عملت فرقنا بجد لاستعادة واتساب. نحن نقدر ما حصل حقًا ونستمر في الشعور بالتواضع بسبب اعتماد الأشخاص والمؤسسات على تطبيقنا كل يوم.”
في النهاية، ما بوسعنا إلا قول أن ما حصل لمدة بضع ساعات قليلة كان بمثابة تنفس الصعداء بعيدًا عن العالم الافتراضي، وكأننا شعرنا بالتباعد الحقيقي لساعات. أليس كذلك