كلمة رئيس الوفد اليمني خلال القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في بيروت
كلمة رئيس الوفد اليمني خلال القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في بيروت
ألقى ممثل الجمهورية اليمنية وزير الصناعة والتجارة محمد عبد الواحد الميتمي، كلمة في جلسة الاعمال الثانية للدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، جاء فيها: “يطيب لي ان انقل اليكم تحيات وتهاني فخامة رئيس الجمهورية اليمنية المشير عبدربه منصور هادي على انعقاد هذه القمة الاستثنائية في بيروت هذه العاصمة العربية الجميلة، وانه لشرف كبير لي أن كلفني فخامة الرئيس بحضور هذه القمة العربية نيابة عنه، وبأسم فخامته أتقدم بالشكر والتقدير والامتنان للجمهورية اللبنانية الشقيقة حكومة وشعبا على كرم الضيافة وحسن الاستقبال ونهنئكم فخامة الرئيس علي هذا المستوى العالي من التنظيم والترتيب لاستضافة أعمال هذه القمة حتى بلغت ما بلغته من نجاح. كما أشكر الجامعة العربية وامينها العام على الجهود الحثيثة التي تبذلها من أجل رفعة هذه الامة ورفع مستوى اليقظة إزاء المخاطر المحدقة بأوطاننا وشعوبنا، والشكر والثناء موصول لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على رئاسته للدورة السابقة وايلاءه الرعاية والاهتمام حتى تحقق لها النجاح المنشود.
أصحاب الفخامة والسمو والمعالي والسعادة رؤساء الوفود
وبإسم الجمهورية اليمنية حكومة وشعبا أهنئكم بحلول السنة الجديدة ٢٠١٩ متمنيا لكم ولشعوب إمتنا العربية الامن والاستقرار والتقدم والرخاء. لقد رحل عنا عام ٢٠١٨ حاملا المفاخر والإنجازات الباهرة لبعض الدول العربية التي نعتز ونفخر جميعا بما بلغته من تقدم ورخاء وما أنجزته من مآثر مثلما حمل معه الجراح والالام والأحزان للبعض الآخر والتي تؤلمنا جميعا. بلدي اليمن هي من بين تلك البلدان التي اثخنتها الجراح البليغة
خلال السنوات الأربع الأخيرة منذ وقوع الانقلاب البغيض، والمشؤوم علي الشرعية في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤. ومنذ ذلك التأريخ وشعبنا اليمني يقاسي أهوال ذلك الانقلاب والذي دفع به إلى حافة أكبر كارثه إنسانية في هذا العصر كما تصرح بذلك ممنظمات الأمم المتحدة. كما تعلمون وتسمعون هناك اليوم في اليمن ٢٢ مليون يمني من آصل ٢٩ مليوناً غير مؤمنين غذائيا منهم ١٢ مليوناً إنسان مهددون بالمجاعة القاتلة وطفل يموت جوعا كل عشرة دقائق. غدى خمسة ملايين طفل في سن المدرسة خارج المدرسة وثلاثة ملايين ونصف مواطن شردوا من منازلهم وموطن عيشهم وأكثر من نصف مليون لاجئ في ملاذات خارج اليمن. وانكمش الناتج المحلي بأكثر من نصف قيمته وخسر الملايين من قوة العمل وظائفهم بحيث غدى اليوم اكثر من 60% من قوة العمل بلا عمل ولا دخل. المكاسب الاقتصادية والتنموية التي حققتها اليمن خلال ستين عام مضت جرى الانقضاض عليها في اقل من اربع سنوات منذ وقوع ذلك الا المدمر. لقد أتي هذا الانقلاب البغيض على الأخضر واليابس وقوض الأمن والسلام الاجتماعي بلا رحمة ولا وازع ولا ضمير. ولولا رعاية الله ودعم اشقائنا في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لكانت الكارثة في اليمن بلغت حدا لا سابق لها في التأريخ وصولا إلى الإطباق التام على الأمن القومي العربي بحصار محكم بانتزاع اليمن هذا البلد العربي الأصيل من محيطه العربي ليجعله يدور في فلك المطامع الفارسية المهددة للطموحات والأحلام المشروعة لدولنا وشعوبنا العربية بالأمن والاستقرار والسلام.
أصحاب الفخامة والسمو والمعالي والسعادة رؤساء الوفود
تنعقد هذه القمة التنموية الاستثنائية في الجمهورية اللبنانية الشقيقة في توقيت حرج وملائم في نفس الوقت الذي يعبر فيها قادة الأمة العربية عن إدراكهم العميق بحجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية المهولة التي تواجهها آمتنا العربية بقدر ما تعبر القمة ذاتها عن حس اليقظة العالية والمسؤولية الرفيعة لدي أصحاب الجلالة والفخامة والسمو في التضامن والتصدي المشترك لهذه التحديات. ولما كانت معاناة اليمن بكل ما تقاسيه من الام وجراح ومعاناة تم الإشارة إليها بإيجاز شديد أعلاه هي اليوم الأكثر الحاحا وحاجة لدعم أشقائها من أعضاء هذه المنظومة العربية الهامة لتجاوز محنتها العصيبة عبر إسنادها المباشر وغير المباشر باستعادة سلطة الشرعية وتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمؤسسي والمادي لتخطي آثار الانقلاب. فهناك ملايين اليمنيين الذين
يتضورون جوعا ويحتاجون منكم للتخفيف عن معاناتهم الانسانية المريرة بوضعهم علي راس قائمة أولويات هذه القمة ، وهناك الملايين من العاطلين والشباب الذي يتطلعون للحصول على فرصة عمل قبل أن يقعوا فريسة سهلة لإغواء الدول والمنظمات الإرهابية، وهناك الملايين من الأطفال والنساء الذين يكابدون مشقات المرض ويحتاجون إلى التطبيب والدواء قبل أن تفتك بهم الأمراض الوبائية التي كانت قد غادرت بلدي لعقود من الزمن حتى جاء هذا الانقلاب الغاشم ليوطّنها من جديد ، وهناك الملايين من الفقراء الذين يقاسون الفقر ويحلمون بالفكاك من جحيمه بعونكم وأسنادكم، وهناك الملايين من المشردين والنازحين الذين فقدوا مأواهم ويحلمون بالعودة اليه مثلما يتطلعون إلى تيسير وتسهيل حركتهم وانتقالهم في البلدان العربية الشقيقة عندما يحتاجون إلى ذلك، وهناك ملايين اليمنيين الذين أخلّت بتوازنهم النفسي والاجتماعي مشقات هذه الحرب البغيضة ومشتقاتها فيحتاجون إلى العناية والرعاية، وهناك عشرات الالاف من الجرحى والثكلى الذين تضرروا أو بُترت أعضاءهم آما في جبهات القتال أو نتيجة لملايين الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية في كلِ بقعةٍ أرض مروا منها، وهم اليوم يتطلعون إلى هذه القمة بأمل كبير للتخفيف عن معاناتهم ورفع الظلم عنهم. وبعبارة موجزة فإن برنامج إعادة الاعمار والتعافي الوطني ومعالجة المشكلات الاقتصادية الاجتماعية في اليمن الذي تجند له الحكومة اليمنية كل طاقتها، وهي القضايا التي تقع في قلب اهتمام هذه القمة التي يحدق إليها اليمنيون بأن تكون هذه القمة الاستثنائية من أجل اليمن وشعب اليمن. إن وثيقة الاطار الاستراتيجي للقضاء على الفقر المعروضة على هذه القمة توضح بجلاء أن من بين الستين مليونا مواطنا عربيا ممن يعانون الفقر متعدد الأبعاد في الوطن العربي، ٢٢ مليونا منهم هم إخوانكم في اليمن، أي اكثر من ثلث عدد الفقراء في الوطن العربي.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
كما تعلمون جميعا آن الكارثة الانسانية في اليمن التي خلفها هذا الانقلاب الغاشم تتصدر جدول أعمال المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة. غير أننا في اليمن حكومة وشعبا، رجالا ونساء، أطفالا وشيوخا نعلق الآمال الكبرى على دعم ومساندة أشقائنا وإخواننا العرب اللامحدود من أجل تجاوز هذه الكارثة والعودة آلي الحياة الطبيعية والعيش في محيطنا الأخوي العربي في أمن واستقرار ورخاء. كما أوجز الشاعر العربي معنى ذلك ببلاغه حين قال ” أخاك أخاك إن من لا أخاً له كساع الى الهيجا بدون سلاح … وإنَّ أبن عم المرءِ فأعلم جَناحُه … وهل ينهض البازي بغير جَناح”. لا شك أن الدعم الملموس والمتعدد الأوجه والمجالات الذي يقدمه أشقائنا في
المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ودولة الكويت وغيرها من الدول الشقيقة لأخوتهم في اليمن منذ لحظة حدوث الانقلاب قد خفف من وقع حجم الكارثة.
إلا أن هول الكارثة والدمار يتجاوز كل الحدود والتصورات مما يدفعنا لنداء أواصر الأخوة والقربي أن تعلن هذه القمة الاستثنائية التنموية اليمن على رأس قائمة أولوياتها ومخرجاتها. تنمية وإعادة إعمار اليمن هو هدفنا الاستراتيجي لتكون حصنا منيعا في وجه الطامحين لزعزعة آمن واستقرار آمتنا العربية بقدر ما هو هدف معلن لهذه القمة. فإعادة الاعمار والتعافي هو في مضمونه وابعاده ومخرجاته يعني السلام والاستقرار. وقد وضعت الحكومة اليمنية ومنذ وقت مبكر خِطةً لإعادة الاعمار والتعافي الوطني الشامل للعمل فيها بدعم من إشقاء اليمن في المقام الأول واصدقاؤها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
نحن في الحكومة اليمنية عازمون بإصرار على إنهاء معاناة شعبنا اليمني بكافة الطرق والوسائل المشروعة، والطرق السلمية منها على وجه التحديد. هكذا ذهبنا إلى جنيف والكويت وستوكهلم لوضع نهاية لهذه الحرب بالطرق السلمية إذا ما انصاع الأنقلابيون إلى لغة السلم وكفوا عن استخدام السلاح والقتل في فرض إرادتهم على غالبية الشعب اليمني وتحولوا إلى حزب سياسي شأنهم شأن غيرهم للدخول في حوار وتسوية بالاستناد إلى المرجعيات الثلاثة الذي أعتمدها وأقرها وساندها المجتمع اليمني والإقليمي والدولي والمتمثلة بمخرجات الحوار الوطني الشامل والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي. إن دعمكم للحكومة الشرعية المعترف بها إقليما ودوليا لتحقيق السلام في اليمن وعلى أساس هذه المرجعيات وإعادة الاعمار والتعافي هو بمثابة الفجر الذي يبدد الظلام الدامس الذي يخيم اليوم على سماء اليمن وارضها.
وفي الختام وبأسم الجمهورية اليمنية لا يسعني إلا أن أكرر الشكر والتقدير والثناء لأشقائنا في الجمهورية اللبنانية على كل ما بذلوهمن أجل أنجاح هذه القمة وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية وأمينها العام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.