لبنان يدخل “عصر النفط” مع حفر اول بئر!
يحظى ملف النفط والغاز في لبنان بعناية خاصة، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي. وبعيداً عن المحاصصات السياسية المرافقة للملف، تحديداً في ما يتعلق بتقسيم البلوكات (الرقع) وتحديد أيّها أولى بالدراسة والاستكشاف، إلا أن النتائج ستكون إيجابية للبنان، في حال استكمال مسيرة الاستكشاف وبلوغها مرحلة الاستخراج.
خطوة الى الأمام
بعد موافقة هيئة إدارة قطاع البترول، في شهر تموز الماضي، على برنامج العمل وميزانية الاستكشاف، المقدّمين من ائتلاف شركات توتال وإني ونوفاتك عرضت شركة توتال Total E&P Liban SAL “المعلومات التقنية المتعلقة بحفر البئر الاستكشافي الأول، في الرقعة رقم 4، وفقاً لخطة الاستكشاف الموافق عليها”، وذلك خلال اجتماع مع وزيرة الطاقة ندى بستاني وهيئة إدارة القطاع، يوم الجمعة 26 نيسان.
واستناداً إلى المسوحات، ستشهد المنطقة الواقعة قبالة بلدة الصفرا الكسروانية، شمال مدينة بيروت، وعلى بُعد 30 كلم عن الشاطىء، حفر البئر الاستكشافي الأول خلال 55 يوماً. وهذا يعني أن الخطوة الأولى نحو الأمام قد انطلقت، على أن يليها خطوات إجرائية لحفر البئر قبل نهاية العام الجاري. أما الخطوة الثانية، فهي بدء الحفر الاستكشافي في الرقعة رقم 9، وهي متوقفة على جملة من الأمور التقنية والإدارية، والأهم، أنها تنتظر المؤشرات الإيجابية للحفر الاستكشافي في الرقعة رقم 4.
استكشاف لا إستخراج
حفر بئر استكشافي لا يعني البدء باستخراج النفط، فهذه مرحلة طويلة بعد. وتقنياً، الاستكشاف يعني التأكد من ماهية المخزون المتواجد في الرقعة المستهدفة، هل هو نفط أم غاز، وهل الكمية الموجودة هي كمية تجارية أم لا؟
سيناريوهان مطروحان أمام الحفر الاستكشافي. السيناريو الأول هو أن تكون كمية المخزون تجارية، عندها تنطلق الخطوات الإجرائية العملية نحو الاستخراج. أما في حال العكس، أي السيناريو الثاني المتعلق بغياب الكمية التجارية، فأمام الشركات حلٌّ من إثنين، إما حفر بئر استكشافي آخر في المنطقة ذاتها، وإما العدول عن ذلك كلياً. وفي الحالتين، لا تتحمّل الدولة أي كلفة مالية، إذ أن كافة الأعمال المتعلقة بهذا القطاع هي على عاتق الشركات.
بغض النظر عمّا تخبّئه الرقعة الرابعة، إلا ان بدء الحفر “له وقع إيجابي يدل على سير العمل حسب الخطة العلمية، الموضوعة بإشراف هيئة إدارة قطاع البترول”، وفق ما تقوله مصادر في الهيئة لـ”المدن”. وتنظر المصادر بإيجابية نحو ما تحقّق لغاية اليوم في ملف النفط والغاز.
استقطاب الشركات
لكن تلك الإيجابية معرّضة دائماً للاصطدام بعراقيل سياسية داخلية وخارجية، فالداخلية منها تجلّت منذ لحظة إعلان البدء بمشروع النفط والغاز، إذ انقسمت القوى السياسية حول تقسيم البلوكات، وأيّها سيكون فاتحة الاستكشاف والحفر والتنقيب. ذلك أن النتائج الإيجابية التي ستتحقق في الرقعة، التي تقع ضمن المنطقة الجغرافية لنفوذ أحد الزعماء السياسيين، ستدعمه سياسياً وشعبياً ومالياً. والخارجية منها تتجلّى بالموقف الأميركي الإسرائيلي من الحفر والتنقيب والتصدير، وخصوصاً في ما يتعلق بالمنطقة البحرية الحدودية مع إسرائيل.
ما تحقّق حتى اللحظة، يحيلنا إلى كلام وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل، الذي أكد في تموز الماضي أن تحقيق الاسكتشاف الأول “سيزيد من فرصنا لاستقطاب أكبر عدد من الشركات، ويحسن من شروط الدولة وحصتها في هذا القطاع”. وبالطبع، إيجابيات الاستكشاف الأول ستدفع ائتلاف الشركات المستثمر اليوم، إلى المشاركة في عمليات التلزيم المقبلة للرقع الأخرى. فليس هناك أي مانع قانوني من مشاركة الائتلاف الحالي في العمليات، وكل ما يمكن تغييره هو بعض الشروط الإدارية والتقنية، التي لا تغيّر في جوهر عملية التعاقد والاستكشاف والتنقيب، ولا تُعيق تلزيم الائتلاف نفسه، خصوصاً إذا ارتأت وزارة الطاقة ومجلس الوزراء أن تلزيم الائتلاف يوفّر الوقت، مقارنة مع الفترة الزمنية التي يمكن أن تأخذها عملية تلزيم شركات أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن التلزيمات المتعلقة بكامل المشروع، تتم خارج إدارة المناقصات في التفتيش المركزي. إذ تقود وزارة الطاقة، وبموافقة الحكومة، تلك العملية.