أفريقيا تطمح إلى “السوق المشتركة” لمواجهة الاتحاد الأوروبي
القارة السمراء تبدأ تفعيل أكبر منطقة تجارة حرة في العالم... وخدمات النقل أبرز العقبات
تدخل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية حيز النفاذ والتطبيق رسميا، الخميس الماضي ، بعد تصديق 22 دولة أفريقية على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية
فكرة اتفاقية التجارة الأفريقية الحرة تمخضت عن الاجتماع الثامن عشر لقمة الاتحاد الأفريقي، الذي عقد خلال الفترة 23 إلى 27 يناير (كانون الثاني) في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 2012، التي عقدت تحت عنوان “تعزيز التجارة البينية في أفريقيا”.
وتم الاتفاق خلال هذا الاجتماع على أهمية المضي قدما نحو التكامل الإقليمي، وحُدد عام 2019 الحالي للوصول إلى الاتحاد الجمركي في القارة الأفريقية، مروراً بمنطقة التجارة الحرة القارية في عام 2017 كموعد مبدئي في إطار تنفيذ معاهدة أبوجا بنيجيريا.
السفير المصري بأديس أبابا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي أسامة عبد الخالق أودع في مطلع أبريل (نيسان) الماضي رسميا وثيقة تصديق مصر على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية، لتكون مصر الدولة الـ18 التي تقوم بتسليم وثيقة التوقيع على الاتفاقية التي تنص على ضرورة تصديق 22 دولة على الاتفاقية لتدخل حيز النفاذ.
القارة السمراء على الخريطة العالمية
من جانبه أكد وزير التجارة والصناعة المصري عمرو نصار “حرص القيادة السياسية المصرية على الإسراع بدخول اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية AFCefta حيز النفاذ، بهدف تحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي بين دول القارة والوصول بها لمرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة لوضع القارة السمراء في مكانتها الطبيعية على خريطة الاقتصاد العالمي والمساهمة بقوة في تنمية حركة التجارة البينية الافريقية، وتحقيق معدلات أعلى للنمو الاقتصادي الأفريقي بعد إزالة العوائق الجمركية بين الدول الإفريقية الشقيقة، بالإضافة إلى تسهيل حركة عوامل الإنتاج، ومن ثَمّ زيادة معدلات النمو الصناعي وتحقيق التنمية التكنولوجية المرجوة التي ستمكن دول القارة من المنافسة على الساحة الاقتصادية الدولية”.
وأضاف نصار لـ”إندبندنت عربية”، “أن مصر تسعى حالياً لاستضافة المقر التنفيذي لسكرتارية اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية”، مشيراً إلى “أن مصر تعد أكبر اقتصاد أفريقي وقّع الاتفاقية خلال انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الرواندية كيغالي العام الماضي”.
مصر ومصالح القارة السمراء
وأشار نصار إلى “استعداد مصر لحشد جميع مواردها البشرية والفنية لتحقيق مصالح القارة الأفريقية، وجعلها مركز جذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأكثر اندماجا في سلاسل القيمة المضافة على الصعيد الإقليمي والدولي والوصول إلى سوق أفريقية موحدة تقوم على حرية التجارة دون عوائق جمركية أو فنية”.
تضاعف التجارة الأفريقية لـ22% بحلول 2020
وأضاف نصار “ستسهم السوق الموحدة في تسهيل حرية الحركة للأفراد ومدخلات الإنتاج، الأمر الذي يتطلب مزيداً من التكاتف والعمل الدؤوب من قبل الدول الأفريقية كافة للتغلب على التحديات التي تحول دون ذلك، ومنها تنمية البنية التحتية المرتبطة بالنقل، والتكنولوجيا، والخدمات المالية التي تمثل أحد أهم الأسس لزيادة حجم التبادل التجاري بين دول القارة، ومن ثم مضاعفة حصة التجارة البينية الأفريقية لتصل إلى 22٪ من إجمالي التجارة الأفريقية بحلول عام 2022”.
وأوضح نصار “أن اتفاقية التجارة AFCefta ستسهم أيضا في تطوير البنية التحتية والتنمية الصناعية في دول القارة، ونقل الخبرات الفنية والخدمات المتصلة بالتجارة والتي تشمل خدمات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المالية والتعليمية والصحة والخدمات المهنية ذات الأهمية الكبرى للنمو الاقتصادي المستدام”.
أكبر منطقة تجارة حرة في العالم
“المزايا والثمار التي ستتولد عنها الاتفاقية لا تعد ولا تحصى”، وفقا للسفيرة منى عمر المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، التي قالت “إن اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية تم توقيعها في العاصمة الرواندية كيغالي في أبريل (نيسان) 2018 بعد مناقشتها على مدار 6 سنوات منذ طرحها للنقاش في المرة الأولى بأديس أبابا 2012، ووقعت عليها 49 دولة أفريقية”.
وأضافت “أن الدول الأفريقية بدأت في التصديق الرسمي على الاتفاقية لتصل إلى 22 دولة بالتمام والكمال، وهو العدد اللازم لتدخل حيز النفاذ من 30 مايو (أيار)، ويعلن عنها رسميا في يوليو (تموز) خلال انعقاد القمة الأفريقية الاستثنائية في النيجر يوليو 2019”.
وأوضحت المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري “أن هناك العديد من المزايا والمنافع المنتظر تحقيقها، وفي مقدمتها انسياب حركة تجارة السلع والخدمات خاصة في ظل ارتفاع مستوى تحرير التعريفة الجمركية بين الدول الأفريقية، إذ يتضمن إزالة الرسوم الجمركية لـ90% من الخطوط التعريفية خلال 5 سنوات، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية نظراً لسهولة نفاذ منتجات هذه الاستثمارات إلى أسواق المنطقة، وتحسين سلاسل القيمة المضافة بين دول القارة في ظل اعتماد قاعدة التراكم في المنشأ، وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية حيث يتيح النفاذ لأسواق 37 دولة أفريقية إضافية خاصة مع دول غرب أفريقيا”.
الفيل الأفريقي في مواجهة القارة العجوز
وكشفت السفيرة “أنه طبقا وبناء على عدد الدول الموقعة والمصدقة على الاتفاقية تعد اتفاقية التجارة الحرة أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، وتضم أكبر تجمع اقتصادي على مستوى العالم بـ55 دولة، وهي جميع دول الاتحاد الأفريقي، بعد منطقة التجارة العالمية 164 دولة، ولا ننسى مزايا إزالة الحواجز الجمركية وتخفيض التكلفة وخلق قدرات تنافسية”.
وأكدت عمر “أن الاتفاقية الجديدة ستتكامل مع التحالفات الإقليمية الأخرى في أفريقيا مثل اتحاد غرب ووسط أفريقيا واتحاد الكوميسا في شرقها، واتفاق سودك، وبالتعاون بينها سنصل إلى حلم السوق الأفريقية المشتركة لمواجهة التكتلات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي”.
أبرز العقبات
ولكن أفريقيا تعاني دائما ضعف البنية الأساسية والنقل واللوجيستيات وضعف وغياب خطوط السكك الحديدية، وهو ما يمثل أهم العقبات، وهو ما أكدته السفيرة منى عمر ” للأسف هذه حقيقة ودائما نصطدم بإشكالية النقل واللوجيستيات”، واستدركت “أن هناك جهوداً تبذل حاليا داخل القارة السمراء لعلاج القصور والأزمات مثل مبادرة السماوات المفتوحة التي أطلقها الاتحاد الأفريقي، خاصة بشركات خطوط الطيران لتسهيل عمليات نقل السلع والخدمات لتكون في المتناول إلى جانب دورية واستمرارية عمليات خطوط الطيران، بالإضافة إلى طريق القاهرة -كيب تاون الذي شارف على الانتهاء”.
اتفاقية واحدة وثلاث بروتوكولات
اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية تتضمن 3 بروتوكولات تٌشكل هي وملاحقها جزءاً لا يتجزأ من الاتفاق، وتتمثل في بروتوكول التجارة في السلع الذي يهدف إلى تعزيز التجارة الأفريقية البينية في السلع، وبروتوكول التجارة في الخدمات الذي يهدف إلى التحرير التدريجي لتجارة الخدمات من خلال إزالة العوائق التجارية، وأخيراً برتوكول قواعد وإجراءات تسوية المنازعات ويهدف إلى توضيح القواعد والإجراءات المتعلقة بتسوية المنازعات.
مصر تخطط لاستضافة المقر التنفيذي
وتسعى مصر جاهدة لاستضافة المقر التنفيذي لاتفاقية التجارة الحرة الأفريقية القاري، وقدمت ملفا يتضمن جميع المتطلبات والمعايير التي حددها الاتحاد الأفريقي.
ومنذ أيام قليلة زار وفد الاتحاد الأفريقي القاهرة في إطار سلسلة من الزيارات الميدانية للوفد الفني للوقوف على آخر المستجدات والاستعدادات للدول المتقدمة لاستضافة المقر التنفيذي لسكرتارية اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية AFCefta.
توقيع اتفاقية التجارة الأفريقية الحرة تأتي وسط حرب تجارية مستعرة بطلاها الولايات المتحدة الأميركية والصين فهل هي الفرصة؟
الدكتور فخري الفقي، المساعد الأسبق للمدير التنفيذي لصندوق الدولي، قال “إن الأقدار شاءت أن تدخل تلك الاتفاقية حيز التنفيذ في ظل حرب عالمية تجارية مشتعلة لا يعلم متى ستضع أوزارها، وعلى الدول الأفريقية استغلال هذه الفرص لمواجهة التكتلات الاقتصادية الأخرى في العالم والخلاص من سيطرة التكتلات العالمية واستغلال الحرب التجارية المستعرة لصالحها”.
41.8 مليار دولار تدفقات الاستثمار في أفريقيا
وطبقا لبيانات مركز المعلومات، التابع لمجلس الوزراء المصري حول اتفاقية التجارة الحرة القارية AFCFTA “فإن حجم تدفقات الاستثمار في أفريقيا بلغ 41.8 مليار دولار عام 2017، وتتصدر مصر الدول الإفريقية الأكثر جذبا للاستثمار عام 2018″.
أفريقيا تستحوذ على احتياطيات العالم
وتعد أبرز مجالات الاستثمار في أفريقيا في السيارات وتكنولوجيا المعلومات والتعدين والنفط، التي تمتلك منها نسبة 30% من احتياطيات العالم من المعادن، و10% من الاحتياطات النفطية المؤكدة للمخزون العالمي، بالإضافة إلى 8% من احتياطات الغاز الطبيعي في العالم”.
413 مليار دولار حجم صادرات القارة السمراء
وأشار المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري إلى ارتفاع حجم الصادرات الأفريقية بنسبة 16.4%، حيث وصل إلى 413.8 مليار دولار عام 2017، مقارنة بـ 355.4 مليار دولار عام 2016، كذا انخفاض عجز الميزان التجاري الأفريقي بنسبة 14.5%، حيث بلغ 120.4 مليار دولار عام 2017، مقارنة بـ 140.9 مليار دولار عام 2016، فضلاً عن انخفاض عجز ميزان المدفوعات في أفريقيا بنسبة 34.7%، حيث بلغ 78.8 مليار دولار عام 2017، مقارنة بـ 120.7 مليار دولار عام 2016.