سيدة تُرفع لها القبعة
في حفل غداء دعت إليه الوزيرة فيولات الصفدي على شرف النائب بهية الحريري، اجتمعت باقة من سيدات طرابلس وبيروت في جلسة سادها الود والغبطة، والتقت فيها صديقات من بلدات مختلفة حيث تبادلن الأحاديث والدردشات، وجلسنا نحن بعض الطرابلسيات المدعوات ضمن دائرة: الكلّ فيها يعرف الكل. وبالطبع كانت سيدة الأناقة واللطف واللياقة وزيرتنا الغالية فيوليت نجمة الحضور، والعين اللاقطة لكل واحدة منا، تطمئن من خلالها الى راحة الجميع وسرور الموجودات.
بعد وقت قصير، دخلت علينا إحدى السيدات المدعوات والتي لم يتعرف عليها أحد منا نحن الطرابلسيات. تقدمت من كل واحدة منا تلقي عليها التحية وتعرّفها عن نفسها بأنها: “نعمت”!
بدت لنا السيدة نعمت من النظرة الأولى بأنها لطيفة وخلوقة. بدأت تحدثنا عن زحمة السير التي علقت بها من الفياضية الى عمشيت، ثم انتقلت لتخبرنا، بعد أن علمت أن مجموعتنا أكثريتها من طرابلس، بأنها زارت المدينة وأحبتها وأحبت ناسها وهي مستعدة لأن تكرر زيارتها لها. فرحّبنا بها جميعاً وأخبرناها بأن بيوتاتنا كلها هي بيتها ووعدناها بأن ندعوها لتتناول “أكلاتنا الطرابلسية”.
لا أدري لماذا لفتتني هذه السيدة وأثارت فضولي لمعرفة هويتها الشخصية بالكامل. الى أن أقبلت الصديقة سليمة أديب ريفي وتقدمت مباشرة من “نعمت” وعانقتها بحرارة. ثم التفتت إلينا وسألتنا: “هل تعرفتنّ على نعمت، هي زوجة قائد الجيش العماد جوزيف عون”!
زوجة قائد الجيش ولم تخبرينا؟ سألتها بلكنة استنكارية مازحة. أجابتني: ما الفرق بين أن تتعرّفن علي بأني امرأة عادية اسمي نعمت وبين أن أكون زوجة قائد الجيش؟ اليوم نحن في مركز نافذ قوي وفي الغد سنعود كما كنا. أطلقت ابتسامة تعجبية وأجبتها: يا سيدتي البارحة قطعوا الطريق في أحد شوارع طرابلس بسبب مرور زوجة ضابط، نعم زوجة ضابط عادي بكم نجمة.
رافقتها على جنب، التقطت لها صورة وأكدت لها بأني سأكتب كلمة صغيرة عن هذا اللقاء.
كل الهدف من وراء هذا المقال أن أقول: ما أجمل التواضع في زمن كثر فيه المغرورون وندر فيه المتواضعون.
يا قائد الجيش العظيم: وراءك امرأة عظيمة اسمها نعمت.
أمل زيد حمزة