خاص وكالة أنباء المرأة: مفهوم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب…إحصائيات وأرقام
تبيض الأموال جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة، لغرض حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو استثمارها أو تحويلها أو نقلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جرائم مثل زراعة وتصنيع النباتات المخدرة أو الجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، واختطاف وسائل النقل، واحتجاز الأشخاص وجرائم الإرهاب وتمويلها، والنصب وخيانة الأمانة والتدليس، والغش، والفجور والدعارة، والاتجار وتهريب الأثار، والجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج والداخل، والرشوة، واختلاس المال العام والعدوان عليه، والغدر، وجرائم المسكوكات والزيوف المزورة والتزوير.
لذلك أولى إتحاد المصارف العربية موضوع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أهمية بالغة، حيث خصص حيزا مهما من نشاطاته عن هذه الآفة الخطيرة، وقام في إطار التعاون القائم بينه وبين المؤسسات الإقليمية والدولية المعنية بهذا المجال، بعقد المنتديات والمؤتمرات والملتقيات، وآخرها الملتقى السنوي بدورته التاسعة .
فإن الهدف الرئيسي من هذه النشاطات المتتالية، هو بيان مفهوم لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتحديد آثارهما على المجتمع، والتعريف بالأحكام الموضوعية والجوانب الإجرامية، وتوضيح دور وحدة التحريات المالية، وعرض نماذج تطبيقية، وبيان دور المؤسسات المالية، وعرض مختلف الأساليب التقليدية والتقنية لهذه الجرائم، والتعرف على القواعد الدولية الحاكمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك القواعد الدولية الموجهة لأنشطة هذه المكافحة.
لهذا السبب لا بد من العودة الى مراحل غسل الأموال وهي ثلاث :
١-مرحلة الإيداع:
تعد مرحلة الإيداع هذه أصعب مرحلة بالنسبة إلى القائمين بعملية غسل الأموال.
هي مرحلة توظيف أو إحلال، بحيث يتم التخلص من كمية كبيرة من النقود غير الشرعية (الأموال القذرة) بأساليب مختلفة إما بإيداعها في أحد المصارف أو المؤسسات المالية أو عن طريق تحويل هذه النقود إلى عملات أجنبية، أو عن طريق شراء سيارات فارهة ويخوت وعقارات مرتفعة الثمن يسهل بيعها والتصرف فيها بعد ذلك.
٢-مرحلة التمويه :
هي مرحلة التجميع أو التعتيم حيث تبدأ بعد دخول الأموال في قنوات النظام المصرفي الشرعى.
ويقوم غاسل الأموال بأتخاذ الخطوة التالية والتي تتمثل في الفصل أو التفريق بين الأموال المراد غسلها عن مصدرها غير الشرعى عن طريق مجموعة معقدة من العمليات المصرفية والتي تتخذ نمط العمليات المصرفية المشروعة ،والهدف من هذه المراحل جعل تتبع مصدر تلك الأموال الغير مشروعة أمراً صعباً.
٣-مرحلة الإدماج:
عند الوصول لهذه المرحلة يكون من الصعب جداً التميز بين تلك الأموال غير المشروعة والأموال المشروعة إلا من خلال أعمال البحث السري وزرع المخبريين بين عصابات غسل الأموال.لهذا السبب أصبحت مسألة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لا تزال مصدر قلق عالمي على الرغم من القوانين الدولية والإقليميةوالوطنية والتي تتضمن العديد من الإتفاقيات التي وضعت إطارا لتنسيق جهود الدول والمنظمات عالميا وإقليميا، وذلك نظرا لتطور وتقدم عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإستخدامها للقنوات نفسها، وخصوصا النظام المصرفي.
لقد أجمعت كافة التقارير الرسمية وغير الرسمية حول العالم، أن عمليات غسل الأموال تضاعفت بشكل كبير على مدى العقدين السابقين، حيث قدر بنك HSBC خسائر الإقتصاد العالمي بسبب الجرائم المالية عام 2018 بحوالى 2.1 تريليون دولار، بينما قدر منتدى الإقتصاد العالمي (World Economic Forum) خسائر الإقتصاد العالمي بسبب الجرائم المالية بحوالي 2.4 تريليون دولار للعام نفسه”، مشيرا الى “تورط مؤسسات مالية ومصرفية عالمية في الجرائم المالية، فمنذ عام 2009 وحتى اليوم بلغت العقوبات على عدد من هذه المؤسسات بسبب تورطها في جرائم غسل أموال وتمويل إرهاب حوالي 17 مليار دولار”.
وأعلن انه “في إستبيان Thomson Reuters Refinitiv أظهر أن الشركات في المنطقة العربية تنفق 3.8% من مجمل عائداتها لمكافحة الجرائم المالية، وهي أعلى نسبة مقارنة بجميع مناطق العالم الأخرى”. وقال: “أمام هذا الواقع، ندعو إلى ضرورة أن تتواءم وتتكامل وظيفة إدارة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع الإطار الكلي لإدارة المخاطر في البنوك، كما ينبغي توفر سياسات وضوابط وإجراءات لإدارة وخفض مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإتخاذ إجراءات عناية واجبة ومعززة تتوافق مع درجة المخاطر التي يتم تحديدها بموجب التقييم، ومع تصنيف العملاء حسب درجة مخاطرهم، كما يتوجب على المصارف والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على سلامة ومتانة النظام المصرفي وتطوير الإبتكار في القطاعين المالي والمصرفي، لأن من شأن هذه المقاربة المتوازنة تعزيز سلامة ومتانة المصارف والإستقرار المالي وحماية المستهلك وتعزيز الإمتثال للقوانين والتشريعات المعمول بها بما في ذلك قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من دون الإضرار بالإبتكارات النافعة في الخدمات المالية، وخاصة تلك التي تستهدف الشمول المالي.
لذلك اعتبرت التشريعات العربية والتوصيات الدولية، إن جريمة تمويل الإرهاب من جرائم غسل الأموال، ومن بينها، وجود عمليات في الحساب المصرفي ليس لها صلة بطبيعة نشاط صاحب الحساب، مثل الإيداعات النقدية وشراء الشيكات والغموض في المعلومات التي يقدمها العميل من حيث العمليات المالية، أو الأطراف ذوو العلاقة بالحساب وهوية العميل ومهنته وبلد الإقامة، إضافة إلى عدم توافق حجم المبالغ المودعة أو المحولة أو المسحوبة مع طبيعة النشاط والدخل، شراء معادن أوشيكات مصرفية بكميات كبيرة من دون الإهتمام بالأسعار، الإيداع في الحساب من خلال عدة فروع للبنك، أو من قبل عدة أشخاص في الفرع نفسه، كذلك، فإن إستخدام حساب أو حسابات لجمعيات أو مؤسسات خيرية لتجميع الأموال ثم تحويلها إلى مستفيدين في الخارج يدخل في عداد طرق تمويل الإرهاب.
لهذه الأسباب التزم لبنان بالقوانين الجديدة، ومرت السنوات واصبح هذا الموضوع اهم موضوع في المحافل الدولية والقطاع المصرفي، وحينها اكتشفت الولايات المتحدة الاميركية سلاحا جديدا تستعمله وهو العقوبات، وهذا ما جعلنا نبحث عن قانون او منظومة من القوانين، لذلك اصدر المجلس النيابي قانون 2015/44 وهو قانون حديث لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب يتضمن 21 بندا ويساعد ايضا في مكافحة الفساد المحلي، كما انه يعتبر الاستفادة من الوظيفة العامة نوعا من تبييض الاموال، كذلك التهرب الضريبي، واصبح على المصارف مسؤولية الابلاغ عن هذه العمليات.
ختاما ً ،لا بد من التعاون لوضع حد لآفة غسيل الاموال واستعمال المصارف لتمويل الارهاب كونها جريمة كبرى.
المراجع :
-الدكتور جوزف طربيه، رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس مجلس ادارة مجموعة بنك الاعتماد اللبناني.
-طارق زهران، المدير التنفيذي – رئيس وحدة الامتثال لدى هيئة التحقيق الخاصة – لبنان.
-النائب ياسين جابر .
إعداد : الاعلامية ملكة الحلبي