بحيرة الناترون تحول كل من يلمسها إلى حجر
بحيرة الناترون تحول كل من يلمسها إلى حجر
كتبت نجوي رجب
للوهلة الأولى نظن أن هذه الكائنات عبارة عن تماثيل ، ولكن سرعان ما تنكشف الحقائق أن هذه الكائنات عبارة عن حيوانات متحجره ، نعم إنها بحيرة الناترون أو بحيرة الموت كما يقال عنها ، فهي تقع في الطريق الواصل إلى شمال دولة تنزانيا، بالقرب من الحدود مع كينيا، وعلى وجه التحديد في الفرع الشرقي من الصدع الشرق الأفريقي، والتي لديها القدرة أن تحول كل ما يلمسها إلى «حــجـــر».
هذه ليست أسطورة ابتكرتها الشعوب الإفريقية القديمة، بل هي حقيقة موجودة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ورغم جمال منظر البحيرة الذي سيُدهشك للمرة الأولى، إلا أنها قاتلة لا تعرف الرحمة، ولدى هذه البحيرة القاتلة، القدرة على تجميد أي شيء يلمسها من الحيوانات والنباتات وحتى البشر، وتحويله إلى تماثيل كسلية تبقى محتفظة بلحظتها الأخيرة في الحياة إلى الأبد.
الرعب الذي اكتشفه «نيك براندت»..
عندما كان مصور الحياة البرية البريطاني «نيك براندت»، في إحدى جولاته الاستكشافية شمال دولة تنزانيا، اكتشف عن طريق الصدفة هذه البحيرة الفريدة من نوعها، في بادئ الأمر، ظنّ بأنها مجرد بحيرة عادية بلونها الوردي الجميل، لكنه وبعد وقت قصير من وصوله إليها والبدء بمعرفة خباياها، رأى الموت مُتجسداً بتماثيل كلسية، مجسمات لطيور وحيوانات وزواحف ونباتات، كانت في يوم من الأيام تمتلئ بالحياة.
على الرغم من أن «براندت» كان في مواجهة مباشرة مع الموت، إلا أن المشاهد التي رآها، كانت بمثابة كنز حقيقي لأي مصور حياة طبيعية، أو حتى أي مصور فوتوغرافي آخر، والتقط حينها العديد من الصور التي تظهر هذه المحنطات الكلسية، ضحايا هذه البحيرة القاتلة. وكان اكتشاف وصور «براندت» قد أثارا جدلاً كبيراً حول هذه الظاهرة الغريبة.
منذ لحظة اكتشاف المصور البريطاني «نيك براندت» لهذه البحيرة الغامضة، سارعت العديد من وسائل الإعلام العالمية لتجري معه مقابلات خاصة يتحدث من خلالها عن تجربته هذه، وكان قد أخبر حينها، أن هذه الطيور والحيوانات المتحجرة تنتشر قرب البحيرة القاتلة في كل مكان، مُضيفاً أن كل ما يلمس هذه البحيرة من كائنات حية سواء إنساناً أو حيوانات أو طيوراً، يتحول على الفور إلى تمثال حجري، واصفاً الأمر بأنه «يظل ذكرى محنطة داخل البحيرة».
وأشار المصور البريطاني، أنه لا أحد يعرف بالضبط كيف لاقت هذه المخلوقات المتحجرة مصيرها المحتوم هذا، كيف ماتت وكيف جرفتها الأمواج إلى الخط الساحلي للبحيرة، ولكن يبدو أن ذلك يرجع إلى عوامل طبيعية قاسية، مُشبّها هذه الطيور وكأنها اصطدمت بلوح زجاجي فتحجرت نظراً لاصطدامها بماء البحيرة.
العلم يزيل غموض الأسطورة..
بعد اكتشاف المصور البريطاني «نيك براندت» لهذه البحيرة، والصورة المدهشة التي رآها العالم بأجمعه، سارع العديد من العلماء لاكتشاف هذه الظاهرة الغريبة، ولإيجاد سبب وتحليل علمي لما يحدث هناك في بحيرة الـ«ناترون»، واكتشفوا بأنها تحتوي على كميات هائلة جداً من الملوحة، وأن درجة الحرارة فيها تصل حتى 60 درجة مئوية، ما يحول مياهها الوردية إلى «آلــة للقتـل».
وأكد العلماء أن مياه بحيرة الـ«ناترون» القلوية، تحتوي على درجة حموضة عالية للغاية، تفوق أي درجة طبيعية بأي مكان آخر، حيث تصل حموضتها إلى 10.5، وهو ما يعدّ كافياً لحرق الجلد والعيون لأي كان حيّ، وأوضحوا أن قلوية مياهها تأتي من المعادن الكثيرة التي تصب في البحيرة من التلال المحيطة بها. بالإضافة إلى ودائع من «كربونات الصوديوم» الموجودة فيها بكثرة، والتي كانت تستخدم مرة واحدة في التحنيط المصري القديم، وهي بمثابة نوع من المواد الحافظة لتلك الحيوانات والطيور التي ماتت جراء مياه هذه البحيرة