قصة بائعة الكبريت
.
لقد نشرت لكم هذه القصة لأن أحداثها تزامنت مع رأس السنة والميلاد
.
في يوم من أيام الشتاء القاسية في يوم رأس السنة وقفت فتاة صغيرة تبيع أعواد الكبريت وهي حافية القدمين
.
لأن حذاء والدتها المتوفية المهترئ!!! سقط من رجلها وهي تقطع الشارع بسرعة بسبب رعونة وطيش أحد السائقين المسرعين!!! على عربة تجرها الجياد وعندما عادت لتأخذه وجدت بأن عجلات العربة قد هرسته وأتلفته تماماً!!! فأكملت طريقها وهي حافية والبرد يلسع قدميها كما يلسع كامل جسدها الغض الذي لا يستره سوى فستان رقيق ممزق لا يصلح أن يكون حتى من الأثمال
.
الفتاة: أبيع الكبريت الجيد لدي كبريت جيد ثمنها رخيص جدا أبيع الكبريت ألا تسألوني كم ثمنه إنه رخيص وجيد لدي كبريت اشتروا مني أرجوكم سيدي ألا تريد كبريتا!!!!
فتركها ومضى لأنه مشغول بشراء أغراض رأس السنة لأولاده
.
لم تتوقف الصغيرة بل تابعت تنادي على أعواد الكبريت فرأت سيدة فقالت لها سيدتي لدي كبيريت جيد ورخيص ولكنها لم تبال بها وغيرها!!! وغيرها!!! والكثير من الناس لم يكونوا يهتمون لها بسبب سرعتهم كي يعودوا إلى بيوتهم بأغراض رأس السنة
.
وأكملت الفتاة طريقها وهي تنادي أعواد كبريت جيده أنها رخيصة الثمن أنا بائعة الكبريت الصغيرة اشتروا مني أرجوكم!!! اشتروا هيا يا ساده لا احد يريد شراء الكبريت الكبريت رخيص هيا اشتروا أتريدون الكبريت
.
وهبط الليل وأصبحت الشوارع خالية من الناس بسبب البرد الشديد!!! ولكنها لم تجرؤ على العودة إلى البيت لأن الرجل السَّكير وزوجته الذين يعتنيان بها هدداها بأن لا تعود إلى البيت إن لم تبيع جميع أعواد الكبريت!!!
.
وبينما هي تسير رأت من نافذة منزل جو عائلي
.
الأطفال: عاد أبي احبك يا أبي
.
الأب للام: البرد شديد بالخارج والدفء هنا كبير دفء الموقد ودفء الاسره أدام الله هذه السعادة فهي كنز لمن يعرف كيف يصونها
.
الأم تبتسم وتقوم وتغلق الستارة
.
وأكملت بائعة الكبريت طريقها وهي تنادي ألا يريد أحدكم شراء شئ من الكبريت اشتروا الكبريت أرجوكم اشترو الكبريت يكاد البرد يجمد عظامي وأطرافي ساعدني يا رب (( وفجأة تهب عاصفة )) فبدأت نلسع جسدها الغض فإختبأت بين بنائين مجاورين
.
وبدأت تتذكر أيام السعادة والدفء
.
تذكرت أحلام وهو إسم الطفلة بائعة الكبريت ما كان يدور بينها وبين جدتها من أحاديث وهما بجانب المدفأة
.
جدتي ما ادفأ حضنك يا جدتي
الجدة: ما أروعك يا صغيرتي
أحلام: جدتي هل تحكين لي حكاية
الجدة في نفسها: إنها تطلب حكاية كما كانت أمها تطلب من قبل
أحلام: جدتي
الجدة: كان يا ما كان في قديم الزمان كانت هناك فتاة صغيره
أحلام: فتاة صغيره؟ هل كانت هذه الفتاه كبيرة وعمرها اكبر من عمري أم كانت اصغر
الجدة: تضحك.. كانت صغيره ولطيفه وجميله ورائعة في مثل عمرك يا أحلام
أحلام: وكانت هذه الفتاة تحب جدتها التي تجلسها في حضنها الدافيء وتروي لها حكاية جميله قبل النوم صحيح…
الجدة: بلا.. كان جمالها غير عادي صفاء السماء في عينيها التي تلمعان كالنجوم شعرها كخيوط الشمس صوتها أجمل من تغريد البلابل
.
كانت الجدة اللطيفة تروي دائما قصصها الجميلة التي تنتهي غالبا هكذا..
.
أحلام: جدتي هل السعادة لا توجد إلا بالحكايات؟
.
الجدة: تعالي يا أحلام.. انظري إلى السماء سترين نجوم براقة وأخرى شاحبة هكذا الناس بعضهم براق ويعيش في سعادة والأخر حياته الم
.
أحلام: لكن النجم يبقى عاليا ولا يتأثر لا يهم أن كان براقا أو شاحبا أليس صحيحا ما أقوله يا جدتي؟
.
الجدة: بلا يا صغيرتي..ستصبحين حكيمة عندما تكبرين وتصيرين في عمر جدتك..
.
عندما توفيت أمك واضطر والدك إلى السفر لم يكن يشغلها سوى هم تربيتك وتعليمك كانت وصيتها لي قبل وفاتها” اهتمي بأحلام أطعميها واسقيها علميها وافعلي وافعلي..”
.
لقد خفت في بداية الأمر ولكن حبي لك كان أقوى من كل شئ في هذه الدنيا فحب الإنسان لوالداه كبير ولولاه لم عاش الإنسان على وجه الأرض فالبغض والكراهية تحرقان الإنسان
.
أحلام: اجل.. لا ادري لم يضرب الناس بعضهم بعضا لقد خلقهم الله لكي يعيشوا معا ويساعد كل منهم الأخر………. في السماء نجوم ولو كان نجم واحدا لم استطاع أن يضيء السماء!!!
.
لكن هذه الأيام السعيدة الدافئة لم تدم طويلا في حياة أحلام
.
أحلام: جدتي.. انهضي.. أرجوك حفيدتك الصغيرة أحلام تناديك
.
ماتت الجدة وبقيت أحلام وحيده
.
.
وعندما خرجت أحلام من تخيلاتها قالت في نفسها إذا أشعلت عود كبريت واحد فإانه سيدفئني قليلا.. ولكنني سأنال عقابا شديدا إذا أشعلته ولكن لا باس بإشعال عود ثقاب واحد!!!
.
العود الأول: تخيلت أحلام ” مدفأة إنها دافئة وينطفيء العود الأول
.
العود الثاني: تخيلت أحلام: طاولة طعام ” طعام يالا الروعة تتحرك الاوزه المطبوخة وتتحول إلى إوزه عاديه
الاوزه: أقدم لك نفسي أنا الاوزه المحشوة بالمكسرات فما رأيك بان نرقص؟
أحلام: موافقة أيتها الاوزه الجميلة
وظلت ترقص وتلعب وتتخيل.. وينطفيء العود الثاني
.
العود الثالث: أحلام تخيلت نفسها في غابة تتزحلق فوق الأغصان وبالأخير تسقط على حذاء سانتا كلوز المليء بالهدايا… حتى انطفأ العود الثالث
.
العود الرابع: تخيلت أحلام جدتها وتقول ” جدتي تناديها وتركض إليها
.
الجدة: تعالي إلي يا صغيرتي. أسرعي ليس لدي وقت
.
أحلام: أنا قادمة يا جدتي وتسقط وينطفيء العود الرابع
.
لكن أحلام أخذت كل الأعواد وأشعلتها وهي تقول ” ابقي معي ولا تذهبي يا جدتي إذا اختفت المدفأة والألعاب والطعام لا يهم…
.
أحب ألا تختفي أنتي يا جدتي.. جدتي انتظريني لحظه واحده سترين ماذا سأفعل وتشعل جميع الأعواد”
.
فرأت الجدة: تقول تعالي إلى حضني
.
أحلام: جدتي حضنك دافيء…
.
الجدة: هو لك فلتبقي فيه دائما
.
أحلام: اروي لي حكاية يا جدتي
.
الجدة: ماذا تردين أن اروي لك يا صغيرتي
.
أحلام: احكي حكاية عن البرية الجميلة
.
فقالت لها جدتها تعالي معي وسترينها بعيونك…
.
ووضعتها على حضنها وصعدت بها إلى السماء
.
وجدت أحلام جدتها أخيرا ولحقت بها وتخلصت من البرد والجوع الشديد وتركت ورائها تلك المدينة القاسية التي لم ترحم طفولتها وبراءتها
لم تعد الصغيرة تشعر لا بالبرد ولا بالجوع، ثم انطفأت كل الأعواد، وقد كانت بائعة الكبريت ممددة بين زاويتي المنزلين، بخديها المحمرين، وبسمتها الجميلة على فمها، وقد ماتت إثر البرد في المساء الأخير من السنة، وعندما طلع النهار، ورأى الناس جثتها الممدة، قالوا: يا لها من فتاة صغيرة حزينة، أرادت الدفء ؛
.
لكن في الحقيقة، لم يعرفوا بأنها نالت الدفء طوال حياتها. لم تكن النهاية حزينة بالنسبة لبائعة الكبريت، بل كانت نهاية سعيدة، لأنها صعدت إلى السماء مع جدتها، تاركة وراءها الكبريت، والبرد الشديد، والجوع .