الرجل الذي فرحت كل أوروبا بموته ..
الرجل الذي فرحت كل أوروبا بموته ..
محمد بن أبي عامر – الحاجب المنصور .
إنه التاريخ الذي يتحدث عنه وليس أنا ..
حين مات القائد الحاجب المنصور فرح بخبر موته كل أوربا وبلاد الفرنج .
حتى جاء القائد ألفونسو إلى قبره ونصب على قبره خيمة كبيرة ، وفيها سرير من الذهب فوق قبر الحاجب المنصور ، ونام عليه معه زوجته متكئة يملأهم نشوة موت قائد الجيوش الإسلامية في الأندلس وهو تحت التراب ، وقال ألفونسو :
“أما تروني اليوم قد ملكت بلاد المسلمين والعرب ، وجلست على قبر أكبر قادتهم”، فقال أحد الموجودين :
“والله لو تنفس صاحب هذا القبر لما ترك فينا واحد على قيد الحياة ، ولا استقر بنا قرار ، فغضب ألفونسو وقام يسحب سيفه على المتحدث حتى مسكت زوجته ذراعه ، وقالت:
“صدق المتحدث أيفخر مثلنا بالنوم فوق قبره ؟ ، والله إن هذا ليزيده شرفاً حتى بموته لا نستطيع هزيمته .
والتاريخ يسجل انتصاراً له وهو ميت ، قبحا بما صنعنا وهنيئا له النوم تحت عرش الملوك”.
الحاجب المنصور ولد سنه 326 هجري بجنوب الأندلس ، دخل متطوعا في جيش المسلمين وأصبح قائد الشرطة في قرطبة لشجاعته ثم أصبح مستشار لحكام الأندلس لفطنته ثم أمير الأندلس وقائد الجيوش ، خاض بالجيوش الإسلامية 50 معركة انتصر فيها جميعاّ..
ولم تسقط ولم تهزم له راية ، ووطئت أقدامه أراضي لم تطأها أقدام مسلم قط .
أكبر انتصاراته غزوة ليون ، حيث تجمعت القوات الأوربية مع جيوش ليون ، فقتل معظم قادة هذه الدول وأسر جيوشهم وأمر برفع الأذان للصلاة في هذه المدينة الطاغية .
كان يجمع غبار ملابسه بعد كل معركة ، وبعد كل أرض يفتحها ويرفع الأذان فيها ، ويجمع الغبار في قارورة وأوصى أن تدفن القارورة معه لتكون شاهده له عند الله يوم يعرض للحساب .
كانت بلاد الغرب والفرنجة تكن له العداء الشديد لكثرة ما قتل من أسيادهم وقادتهم لقد حاربهم 30 سنة مستمرة قتالاً شديداً لا يستريح أبداً ، ولا يدعهم يرتاحون ، كان ينزل من صهوة الجواد ويمتطي جواد آخر للحرب .
وكان يدعو الله أن يموت مجاهداً لا بين غرف القصور ، وقد مات كما يتمنى إذا وافته المنية وهو في مسيره لغزو حدود فرنسا .
كان عمره حين مات 60 سنة قضى منها 30 سنة في الجهاد والفتوحات .
ذهب المنصور إلى لقاء ربه وسيبقى اسمه خالدًا مع أسماء الأبطال في تاريخ المسلمين ، وكان في نيته فتح مدن فرنسا الجنوبية من خلال اختراق (جبال البيرينيه) .
لقد استشهد وفي جيبه قارورة تحمل غبار معارك وفتوحات المسلمين ، استشهد وجسده يحمل جروح المعارك التي خاضها لتشهد عند الله ، كل همه لقاء ربه ومعه ما يشفع له بدخول الجنة .
#موقف من مواقف الحاجب منصور :
يُسيّر جيشا جرارًا لإنقاذ نسوة ثلاث ..
فقد جاء عن الحاجب المنصور في سيرة حروبه أنه سيّر جيشا كاملا لإنقاذ ثلاث من نساء المسلمين كن أسيرات لدى مملكة نافار ، ذلك أنه كان بينه وبين مملكة نافار عهد ، وكانوا يدفعون له الجزية ، وكان من شروط هذا العهد أن لا يأسروا أحدا من المسلمين أو يستبقوهم في بلادهم .
فحدث ذات مرة أنه ذهب رسول من رسل الحاجب المنصور إلى مملكة نافار ، وهناك وبعد أن أدّى الرسالة إلى ملك نافار أقاموا له جولة ، وفي أثناء هذه الجولة وجد ثلاثا من نساء المسلمين في إحدى كنائسهم فتعجب لوجودهن ، وحين سألهن عن ذلك قلن له إنهن أسيرات في ذلك المكان ، وهنا غضب رسول المنصور غضبا شديدا وعاد إلى الحاجب المنصور وأبلغه الأمر ، فما كان من المنصور إلا أن سيّر جيشا جرارا لإنقاذ هؤلاء النسوة ، وحين وصل الجيش إلى بلاد نافار دُهش جدا ملك نافار وقال :
نحن لا نعلم لماذا جئتم ، وقد كانت بيننا وبينكم معاهدة على ألا نتقاتل ، ونحن ندفع لكم الجزية .
وبعزة نفس في غير كبر ردوا عليه بأنكم خالفتم عهدكم ، واحتجزتم عندكم أسيرات مسلمات ، فقالوا :
لا نعلم بهن ، فذهب الرسول إلى الكنيسة وأخرج النسوة الثلاث ، فقال ملك نافار :
إن هؤلاء النسوة لا نعرف بهن .
فقد أسرهن جندي من الجنود وقد تم عقاب هذا الجندي ، ثم أرسل برسالة إلى الحاجب المنصور يعتذر فيها اعتذارا كبيرا ، فعاد الحاجب المنصور إلى بلده ومعه الثلاث نساء ..