المغرب.. التكنولوجيا تلتهم عادات أصيلة في رمضان
المغرب.. التكنولوجيا تلتهم عادات أصيلة في رمضان
يرتبط شهر رمضان في المملكة المغربية بعادات وتقاليد وأعراف تعطي خصوصية لأيام الشهر ولياليه لكن منتجات التكنولوجيا بدأت تغير من ملامح بعض مظاهر الاحتفاء بالشهر الفضيل وخاصة جلسات السمر الليلية التي كان ينبغي أن تستعيد ارضيتها بسبب الحظر الليلي ضمن اجراءات كورونا.
يقول الباحث المتخصص في التراث الشعبي المغربي، محمد فخر الدين “بدأ السمر الليلي الرمضاني في المغرب يسير منذ نحو 20 عاماً، نحو الانقراض في المدن والقرى معاً؛ بعدما أصبح المغاربة يفضلون متابعة المسلسلات الرمضانية على التلفزيون داخل بيوتهم»، وفق تصريحات فخر الدين لـ«الرؤية».
وأردف «أنهم حتى إذا ذهبوا إلى الدكاكين أو المقاهي من أجل السهر الليلي الرمضاني، فإنهم يظلون منشغلين أغلب الوقت بهواتفهم المحمولة، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على العلاقات الأسرية».
وفي يناير الماضي، بلغ معدل انتشار الانترنت بين سكان المغرب 74.4 في المئة ارتفاعا من 69 في المئة قبل عام. وعلى مدى أول عقدين من القرن الحادي والعشرين ارتفع معدل انتشار اجهزة الهاتف المحمول في البلاد من 8.13 في المئة عام 2000 إلى حوالي 128 في المئة عام 2020 .
المأكولات والمشروبات
ويُزيِّن المغاربة موائد إفطارهم بأَلَذِّ وأشهى ما يزخر به المطبخ المغربي من مأكولات ومشروبات، «لكن تلك الموائد تكون ناقصة، إذا غابت عنها شربة الْحْرِيرَة المغربية الشهيرة»، بحسب الطباخة المغربية فوزية جبار في مدينة سَلَا، قرب العاصمة الرباط.
وإلى جانب «الحريرة»، «يقدَّم الطَّاجِين المغربي، الذي يتكون من الخضر ولحم الدجاج أو اللحوم الحمراء، أو من السمك، وتقدم معه السلطات» بحسب فوزية جبار.
وأضافت أن المغاربة يتناولون أيضاً في وجبات الإفطار التمور، والبيض المسلوق، وحلويات «الشّْبَّاكِيَّة»، و«الْبْرِيوَاتْ» باللوز والعسل، و«سِيكَار» اللوز، و«الْمْحَيْنْشَة»، إلى جانب المخبوزات المغربية، و«الْبْسْطَيْلَة»، والبيتزا، و«البريوات» المُمَلَّحَة، كل حسب إمكاناته المادية، ويشربون الشاي المغربي، والقهوة، والحليب البارد، والعصائر”.
وبحسب فوزية، فإن بعض المغاربة يتناولون وجبة العشاء، بعد الانتهاء من أداء صلاة التراويح، والتي «يقدم فيها في الغالب الطاجين، في حين يكون السحور خفيفاً؛ مكوناً من الشاي المغربي، و حلوى «الْفْلُونْ»، والسلطة، وبعض المخبوزات، والمأكولات الخفيفة».
الأزياء التقليدية
وتحظى الأزياء التقليدية المغربية بأهمية كبيرة لدى المغاربة، رجالاً ونساء، خلال شهر رمضان، إذ يحرصون قُبَيْلَ حلوله على اقتناء أثوابها وخياطتها لدى الخياطين، أو شرائها جاهزة من المحلات، ليرتدوها أثناء صلاة التراويح، وخلال زياراتهم للأهل، والأقارب، والأصدقاء، في بيوتهم، وكذا في يوم عيد الفطر.
«ويرتدي الرجال الجّْلَّابَة الْبْلْدِيَّة الرجالية مع السّْلْهَامْ، والجَّابَادُورْ، والقفطان الملكي الرجالي، في حين ترتدي النساء الجلابة النسائية، والقفطان النسائي، والتّْكْشِيطَة البلدية الحريرية، إلى جانب الْبَلْغَة والشّْرْبِيلْ (أحذية تقليدية مغربية) بالنسبة للرجال والنساء معاً»، بحسب ما قاله خياط الألبسة التقليدية المغربية في مدينة الرباط، عبدالمالك الكَناوي.
صيام الأطفال
وقال الباحث المغربي فخر الدين، إنه يُحتفى بالأطفال المغاربة، الذين يصومون أحد أيام شهر رمضان أو جزءاً منه لأول مرة في عمرهم، سواء وَجَبَ عليهم الصيام أو لا، وفق طقوس معينة؛ إذ يتم إلباسهم لباساً تقليدياً خاصاً أثناء تناولهم وجبة الإفطار، وإطعامهم أكلاً متميزاً، ومنحهم المال؛ وذلك لتشجيعهم على الصيام، ونقل العادات الاجتماعية المغربية إليهم.
وتلجأ بعض الأسر المغربية إلى استعمال أساليب تشجيعية، أشهرها ما يعرف في الثقافة الشعبية المغربية بـ«الخياطة»؛ أي أن الطفل يصوم نصف يوم فقط، ويصوم في اليوم التالي نصف يوم فقط أيضاً، ليحتسب له في النهاية أنه صام يوماً كاملاً من أيام شهر رمضان”، بحسب فخر الدين، الذي تأسف على سير هذه العادات المغربية الأصيلة نحو الاندثار.