تربية وثقافة

ندوة عن كتاب كرامة الكلمة لابو شرف

ندوة عن كتاب كرامة الكلمة لابو شرف
نظمت دار “آر ليبان- كلمة” ندوة عن كتاب “كرامة الكلمة” للبروفسور شرف أبو شرف، في بيت الطبيب – فرن الشباك، في حضور مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
سبق الندوة توقيع الكتاب من البروفسور أبو شرف، ثم النشيد الوطني وتقديم من الاعلامية جاكلين شهوان.
وألقى الوزير السابق ادمون رزق كلمة بالمناسبة بعنوان “القلم والمبضع”، قال فيها: “عند الدكتور شرف مخزون كرامة عصي على الاستهلاك: نشأة بيت سعيد وإرث أب شهيد. فلا غروى اذا أدمن حب الكلمة، تعبيرا عن رأي حر وتأكيدا لموقف شهم. لويس ابو شرف، قديس وطنية، صاحب قضية، سيد منابر، حامل امانة شعب، منجب، يواجه قدره، ذبيح، مضرج بدمه، يروي ارضه، بعد ان شنف سمع الجماهير، في خدمة لبنان، وفداء لبنان. بنوه على خطاه، وهم سره المكنون”.
واضاف: “قرر شرف أبو شرف ان يكتب، ويخطب عند الاقتضاء،انه طبيب خبير جدير، يتوجه منه إليه، يعاين، يتفحص، يكشف، يعرف، يداوي ويشفي. كما يجس النبض، يحلل التخطيط، يستعمل المبضع، هكذا يتعامل البروفسور شرف مع الواقع اليومي، يراقب تطور المرض، في المجتمع كما في الشخص، يحدد مواطن القصور العضوي، يصف الدواء، همسا في أذن المغني، ثم جهرا وتشهيرا على الصفحات”.
وتابع: “كتابه “كرامة الكلمة” سلسلة معاينات طبية، تراوح قربا وبعدا، هدفها كشف المرض اولا، فاقتراح العلاج المناسب.البروفسور شرف مهتم، لا يمكنه ا
ن يغض النظر. يرى خللا، يبادر. همه المريض وغايته الشفاء، يقينا ان “آخر الطب الكي”. حالات المرض “شتى” كـ “حالات الزمان”، في قول المتنبي. ولكن حال الطبيب واحدة، “في كل حال”: واجبه التصدي للمرض”.
وختم بالقول: “حيال ما نراه من تردي الاوضاع العامة، على شتى المستويات، والعجز البائن في ادارة الدولة وحكم البلاد، إلحاح المطالب، تزايد الحاجات وتراكم الاستحقاقات، فيما هاجس المسؤولين تقاسم الغنائم، توزع الحصص، اقتناص المواقع واحتلال الصدارات، بدلا من تولي المسؤوليات وتشريف المهمات. لا بد من الاصرار على حفظ “كرامة الكلمة” ، مصارحة، صلاحا واصلاحا ورفض تسخيرها، مديحا وثناء، لان التغطية ارتكاب وشراكة جرمية”.
وقال الوزير السابق عدنان السيد حسين: “يتابع شرف أبو شرف سيرة الوالد، بل سر الارومة اللبنانية العربية المتنقلة بين حمانا وكفرذبيان، ليعترف في الكتاب بأن والده حلم بوطن تسوده العدالة والنزاهة والحق والحرية، انها احلام السلام الداخلي الذي يقربه من الله. كذلك كنا نحن وما زلنا، كما يفصح شرف أبو شرف”.
اضاف: “وللتدليل على تلك الاحلام أطلق المؤلف مجموعة افكار جديرة بالتأمل. انها افكار مشتركة لكثير من اللبنانيين الذين ينشدون قيامة لبنان الوطن ولبنان الدولة. اذا كان العدل اساس الملك، فليطرد من الهيكل من دنس قدسية القضاء. وعلينا الانتقال من حكم المزرعة السائدة على علوية الوطن فوق الجميع، فلا استقلال ولا هيبة دولة مع رجال لا يحترمون القانون والنظام. ولترفع أيادي السياسيين عن القضاء، وليحاسب من أوصلوا البلد الى حافة الافلاس والفساد”.
وتابع: “لا إصلاح بلا محاسبة ملوك المال والسلاح الذين سيطروا على الحياة العامة. وكيف تتحقق العدالة الاجتماعية اذا بقيت مناطق متخلفة وجماعات محرومة؟ ولان القوانين انتهكت ظل اتفاق الطائف معلقا بدون تنفيذ، عطلت المؤسسات وسادت المحاصصة التي أنهت الديمقراطية البرلمانية، فكانت بدعة الرؤساء الثلاثة للدولة الواحدة”.
وقال: “أستطرد هنا لأشارك المؤلف في أولوية الاولويات:انها استقلالية القضاء. بغير هذه الاستقلالية لا حكم ولا حكومة، لا نظام ولا انتظام عام، لا إستقرار ولا تنمية، لا مؤسسات ولا من يحزنون. الى ذلك، نستخرج من هذا الكتاب جملة افكار اصلاحية لا بد من إدراكها:
نريد جمهورية تعتمد التنشئة الخلقية وتقوي الروح الوطنية، وبتنا بحاجة الى إعادة تأهيل وتربية وطنية ومدنية صالحة، كما يقول المؤلف”.
وأكد “ان التربية والتعلم هما الاولوية الثانية بعد استقلالية القضاء، تربية على المواطنة، حيث يتساوى المواطنون، رعايا الطوائف، في الحقوق والواجبات امام القانون. وحيث الولاء الواحد الموحد للوطن والدولة”.
اضاف: “اما النظام الطائفي فهو الذي أبقانا الى اليوم عرضة للتدخلات الاجنبية، وهو مشروع انقسام دائم نزينه بكلام ممجوج عن العيش المشترك والحوار الوطني. نشارك المؤلف في دفاعه عن حراك شعبي لقيام دولة ديموقراطية لا طائفية، دولة القانون والمؤسسات، دولة الحريات العامة وحقوق الانسان. انه نظام المواطنة، لا نظام الديموقراطية التوافقية التي عطلت الديموقراطية”.
أما النائب ادكار طرابلسي، فقال: “في “كرامة الكلمة”، نرى شرف ينتفض بوجه حالة برج بابل التي نعيشها في بلادنا، حيث الخوف من المستقبل يسيطر على النفوس، والادارات المهترئة في غياب الحساب والعقاب. وتغرق البلاد في الفوضى و”الكنفشة” وحب الظهور وجنون العظمة والتبعية للاقطاع الذي ينخر عظامنا. يتعلم شرف الكثير من الغرب الذي انتصر على الاقطاع والتخلف وسار نحو الديموقراطية والتقدم معتمدا على قيم النزاهة والكفاءة. وهو الحزين لكوننا “أضعنا الماضي بعبادة الاصنام والركض وراء الشعارات الفارغة والتصفيق للزعامات البالية”، ويخاف ان نكون ” قد اضعنا الحاضر بأسا واحباطا واعتكافا”..
اضاف: “وما يلفت قارىء هذا الكتاب القيم، جرأة شرف الادبية وكلمته الملتزمة بالكرامة في آن. فهو يقول الحق بوضوح واحترام لخصمه ولمن يخالفه الرأي. نراه يعالج المسألة اللبنانية، معترفا بهشاشة البنية اللبنانية التي تعرضت للكثير من الهزات في تاريخها المعاصر من 1860 الى 1958 و1975. ويرى بأن الحل يكون بتمتين الوحدة الوطنية المبنية على الديموقراطية والعدالة والتوازن ورفع يد السياسيين عن القضاء وبقانون انتخابي عادل وباعادة تأهيل المجتمع والدولة اداريا وتربويا وثقافيا وقبول الاختلاف واحترام شرعة حقوق الانسان”.
وتابع: “يرى أبو شرف في العماد عون “رمزا مسيحيا مشرقيا، تحيط به الاعاصير ويبقى الاكثر شعبية”. يعجبه في العماد عون جرأته واقدامه في مخاصمة اعداء لبنان ومصالحتهم بعزة نفس وبرأس مرفوع. واذ يبحث في سر “الجنرال المتمرد” يرى انه ومع تقدم الاعوام “لا يباع ولا يشرى، يبقى صامدا في مكانه، متشبثا في الارض، لا يلوى ولا يكسر ويحافظ على كرامة الانسان”، فتضرب جذور محبته في “قلوب اللبنانيين التي لها أعين ترى وآذان تسمع”.
وأعلن ان ابو شرف يتبنى ثلاث كلمات شكلت “الثوابت التي يقوم عليها لبناننا” ورددها أتباع بطل تحرير لبنان، “حرية، سيادة، استقلال”، ويزيد عليها العيش المشترك. فهو كتلميذ للويس أبو شرف، وكمناضل في مسيرة العماد عون، لا يقبل تقسيم لبنان. هو مؤمن بأننا “عائلة لبنانية واحدة” و”الحل يكون بدولة مدنية قوية واحدة وموحدة”. هذه “الدولة يصنعها ابناؤها” ويحافظ عليها عيش مشترك حيث الحوار والمشاركة العادلة المتوازنة”.
وفي الختام، القى صاحب الكتاب كلمة قال فيها: “أمام خمس وسبعين سنة من الاستقلال، أراني متكئا في كتابي على الأزمنة والأحداث التي عشتها متأملا، محللا ، ماضيا مستمرا وحاضرا فيه الكثير من الماضي، ومستقبلا غامضا يحاول الإفلات من الأزمنة إلى إنسانية حرة، وعقلانية أساسها الأخلاق والخبرة والمعرفة والكفاية”.
اضاف: “إن أشد ما آلمني في السياسة عندنا ثقافة الفساد والإستبداد، وإطاحة الكرامة عند الذين أثروا على حساب الشعب، لذا كانت صيحة كبرى عنوانها كرامة الكلمة. في البدء، كان للكلمة حرمتها، نعم نعم ولا لا .. كلمة تبنى على القيم والأخلاق. نتعلمها ونعيشها. وهي جذورنا. إن فقدناها فقدنا ذواتنا وعدمنا قدرة التمييز بين الحق والباطل”.
وتابع: “لقد دفع اللبنانيون بمختلف طوائفهم الثمن غاليا جراء ألاعيب الطبقة السياسية وحوار الطرشان، والتكاذب والتذاكي، والرهانات الخاسرة، ونحر كرامات الناس بحجة الدفاع عن الأمة. لقد خسرنا كرامتنا بالتصرف الخطأ فلنعترف بالخطأ ولنفسح المجال ليتمكن الوطن من النهوض. كفانا دمارا وخرابا، وكفانا فقرا وتهجيرا، فأي مستقبل ينتظر لبنان إن هو خسر قدراته البشرية والاقتصادية ومقومات الحياة فيه؟”.
ورأى “ان كرامة الانسان، إذا انتهكت، لا بد أن تنتقم، من منتهكيها عاجلا أم لآجلا، فلا ملكوت نعيشه خارج منظومة العدالة والحرية، إننا قوم نؤمن بالانسان الحر والعادل. نريد لهذا الشرق، شرقنا المتعدد والمشترك، سلاما قائما بوعي بنيه، وحدتهم ورجائهم. ولكن أنى السبيل إلى ذلك بالامكانيات الراهنة المحدودة، وكيف لنا أن نتخطى حواجز الفساد والاستبداد، لاستنهاض جيل دمره اليأس على صخرة الواقع. كيف نصل إلى مفهوم واحد موحد للوطنية، وندعم العيش المشترك في أزمة الفكر السياسي وتداعي الثقافة والعلم والأخلاق؟”.
وقال: “هل نقبل نحن أن نغيب وتضيع أحلامنا؟ طبعا لن نحارب طواحين الهواء ولن نسقط الطبقة السياسية الفاسدة بالقوة والعنف، بل بالحفاظ على كرامة الانسان وكرامة الكلمة وكرامة الصوت. ولبنان العيش المشترك لن يكون لنا ما لم نستحقه فعلا لا قولا. لا خلاص لنا إلا بالتزام ثقافة القيم والقانون. وفصل الدين عن الدولة وتحرير المرأة واحترام حقوق الانسان”.
وأكد اننا “شعب يستحق العيش بكرامة وأمان وسلام دائم، وان أمننا وسلامنا وازدهارنا ليسوا رهن قوى خارجية بل نتيجة مواقف داخلية. فقرارنا ينبع من ارادتنا تماما كما سعادتنا وحريتنا، كما يقول فخامة الرئيس. علينا أن نختار بين الاستقلالية والتبعية. لا مستقبل نبنيه، ولا رجاء ننتظره خارج الوحدة والوفاق. وحدتنا الداخلية هي شبكة الأمان في حياتنا والشرط الأساسي لبقائنا. نحن في حاجة، بعضنا إلى بعض للخروج من هذا النفق والعيش بكرامة تحت سقف الدولة العادلة. فلا تفرد ولا هيمنة بل حوار صادق قائم على مبادىء واضحة وصادقة، وثوابت أساسها الحرية والديموقراطية والعدالة الإجتماعية والعيش المشترك، والابتعاد عن النزاعات والتأثيرات الإقليمية والعالمية، حتى لا يظل لبنان للاستعمار ممرا ومقرا. إن الارتهان للخارج مذلة وهوان، ولا عزة ولا كرامة لأي منا خارج لبنان وطنا سيدا حرا مستقلا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى