إفتتاح مؤتمر نحو سياحة مستدامة
إفتتاح مؤتمر نحو سياحة مستدامة
افتتح صباح اليوم، في “إرينا سي سايد”، مؤتمر “نحو سياحة مستدامة” الذي ينظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بوزير السياحة اواديس كيدانيان، بالاشتراك مع وزارة السياحة والنقابات السياحية، وبالتعاون مع برنامج تعزيز الحوار الاجتماعي في لبنان الممول من الاتحاد الاوروبي والمنفذ من وزارة العمل، بحضور وزيري الاعلام جمال الجراح والاتصالات محمد شقير، النواب: أيوب حميد، سيمون ابي رميا ونزيه نجم، وزير السياحة الاردني السابق الرئيس السابق لمنظمة السياحة العالمية طالب الرفاعي، رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، رؤساء قطاعات اقتصادية وحشد من رجال الاعمال والعاملين في القطاع السياحي.
بعد النشيد الوطني، فتقديم للزميل بسام ابو زيد، قال رئيس لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي وديع كنعان: “مؤتمرنا اليوم يهدف الى رسم خريطة طريق لتحقيق سياحة مستدامة، ولكن علينا قبل ذلك ان نسأل أنفسنا: هل نحن نملك بيئة سياحية صحية؟ هل الأمن والسلامة العامة متوفرة؟ هل نحن كلبنانيين نملك الإرادة للتعامل مع القضايا اليوميه ونستدرك تأثيرها على السياحة؟”.
أضاف: “إذا، نحن اليوم ننطلق من واقع ان لبنان ليس بلدا سياحيا، والمطلوب للوصول الى سياحة مستدامة هو واحد: قرار وطني جامع كي يصبح لبنان بلدا سياحيا، إما أن يكون لبنان بلد سياحيا أو لا يكون”.
من جهته، طالب رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الاشقر بتوجيه التوصيات والمقررات الى “أهل الحكم من نواب ووزراء ومؤسسات الدولة ومسؤولين”. وقال: “اتفقوا على ألا تختلفوا بل ألا تتفقوا علينا، اتفقوا على أن السياحة قاطرة أساسية في الإقتصاد اللبناني، وبين النقابات السياحية ووزارة السياحة، تنسيق كامل للمطالب والخطط والتنفيذ وأداتها، فأين ما ذهبتم، الجواب موحد ومشترك، فالنجاح موحد ومشترك والفشل موحد ومشترك، نحن من طالبي النجاح للعهد والحكومة ولنا أيضا”.
أما نائبة رئيسة البعثة الاوروبية في لبنان جوليا كوش دو بيولي، فقالت: “عندما وصلت الى بيروت للمرة الاولى سحرت بالهندسة المعمارية والطعام، وعندما وطأت قدمي هذه الارض وصلتني اتصالات من زملاء في اوروبا نصحوني اي مناطق سياحية ازور، واذكر منظر وادي قاديشا الخلاب الذي يخطف الانفاس، واعتقد انه قادر على ان يتنافس مع الاخدود الاعظم. لذا، ارى ان لبنان غال وثمين، وفيه موارد تستحق المحافظة عليها للبنان والعالم”.
أضافت: “ان خطة ماكنزي حددت قطاع السياحة على انه احد المحركات الرئيسية للنمو والازدهار. والسياحة يمكنها ان تحقق موارد كبرى بالنسبة الى لبنان، فهي وسيلة لتطوير المناطق الريفية المتأخرة نسبة الى بيروت الكبرى. وهناك ضرورة للمحافظة على الارث الذي تتمتع به هذه المناطق وان يتم تعزيزه من خلال عمل الوزارات المعنية كافة”.
وتابعت: “عندما نتكلم عن السياحة، نتكلم ايضا على البنية التحتية للنقل لانه قطاع اساسي لتطوير السياحة وتنميتها سواء كنا نتحدث عن المناطق الريفية او عن مدينة بيروت ذلك ان تحسين الطرق وإمكان الوصول الى المناطق السياحية وتطوير البنية التحتية للنقل العام كلها امور اساسية لتطوير السياحة وتطوير البلد وتنميته”.
وقالت: “قطاع السياحة يمكنه ان يعزز الاقتصاد في البلد بنسبة كبيرة لكن ذلك يجب ان يترافق مع مجموعة اجراءات. وان تطوير السياحة في المناطق الريفية يعزز قيمة هذه المناطق لكن يجب تنظيم هذا القطاع والحرص على جودة المنتجات السياحية التي تقدم وان تراعى الاسعار لتتمكن كل شرائح السياح من الوصول الى تلك الخدمات، كما يجب ان تترافق كل هذه الجهود مع تعزيز الامن”.
أضافت: “ان تنمية السياحة في المناطق الريفية تعزز المواءمة الاقتصادية بين مختلف القطاعات في البلد وتعزز اللحمة الاجتماعية في البلد وتساعد على هدم الحواجز التي لا تزال قائمة بين المجتمعات المختلفة في لبنان. وان تعزيز اللحمة الاجتماعية والموارد السياحية وتطوير البنى التحتية والوسائل السياحية يساهم في عودة السياح والاستثمارات الى لبنان”.
وختمت: “إن إنشاء هيئة معنية بالسياحة هو مسألة اساسية لكن الحكومة يمكنها سد هذه الثغر من خلال اشراك كل المعنيين في الارياف والمناطق الحضرية في هذه الجهود”.
بدوره، قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد: “ان السياحة تحديدا هي أكثر الأنشطة الاقتصادية تأثرا بسمعة البلد المستضيف. وتحدد هذه السمعة الرعاية الإجرائية التي تهدف إلى حماية الزائرين بأمنهم وحقوقهم ومالهم. ولا شك بأن معالجة هذه الناحية السلبية تتطلب تكثيف التواصل الرسمي والقطاعي مع الخارج، ونحن نرى هذا المؤتمر والمؤتمرات الأخرى المقبلة التي ننوي إطلاقها كخطوات ضمن هذا المسار”.
أضاف: “إن كنت أرغب بترك البحث في عمق الرؤية السياحية لمؤتمركم هذا للاستفادة من خبرات المشاركين، إلا أنني أجد أنه من المناسب الإشارة إلى بعض الملاحظات الهامة في هذا الإطار. وأولها الحاجة إلى تزخيم الحركة السياحية على مدار السنة لخلق فرص عمل ثابتة غير موسمية، خصوصا وأن الحركة السياحية هي منشط قوي لتجارة التجزئة، أي للطلب الاستهلاكي، وهو المكون الأكبر للطلب الكلي، أي للنشاط الاقتصادي برمته. هذا الترابط بين تجارة التجزئة مثلا والحركة السياحية يجذب السائحين ويدفع لبنان إلى مكانة اقتصادية كان فقدها لفترة من الزمن”.
وأكد ان “الاستثمار في البنى التحتية هو استثمار ذو مردود عال من ناحيتي المداخيل السياحية المتأتية منه، وفرص العمل الناتجة عنه”، مشددا على أن لا سياحة مستدامة من دون استقرار سياسي. لا سياحة مستدامة من دون بيئة نظيفة. لا سياحة مستدامة من دون تكافل وتضامن سياسي. لا سياحة مستدامة من دون صورة جميلة وسمعة طيبة للبنان. لا سياحة مستدامة من دون إصلاح حقيقي في الأداء السياسي وفي الإدارة. لا سياحة ولا اقتصاد مستدامين من دون ثقافة محاسبة حقيقية ووقف فوري للهدر وتقليص الأعباء”.
وأشار الى أن “هذه النقاط تعتبر من الممكنات التي يستطيع لبنان إنجازها والانطلاق من رحلة التخبط داخل دوائر مفرغة من تبادل التأثير السلبي بين المؤشرات الاقتصادية والقطاعات، إلى مرحلة جديدة من تبادل التأثير الإيجابي بينها، أي إلى دومينو إيجابيات، لبنان قادر على إطلاق شرارته والعمل بجدية عليه، وصولا إلى يوم الاحتفال بنتائجه”.
قال شقير: “نهدف من هذا اللقاء الجامع والزاخر بهذه الوجوه المميزة والمبدعة، لإعادة الاعتبار لقطاع حيوي وأساسي في بنية اقتصادنا ومجتمعنا، ويمثل ما يمثل من جمال وأناقة وبيئة وطبيعة ومناخ وتراث تاريخي وإرث ديني ومأكولات وفن وثقافة وشعب مضياف ومبدع. إنها خلطة قل نظيرها في العالم، اسمها السياحة في لبنان”.
أضاف: “أغتنم هذه المناسبة لأحيي المجلس الاقتصادي والاحتماعي ورئيسه شارل عربيد ومختلف النقابات السياحية وبالتأكيد وزارة السياحة والوزير الصديق أواديس، على هذا الجهد المميز الذي بذل لأشهر مضت لإخراج هذا المؤتمر بهذا المستوى الرفيع ان كان من حيث الشكل والمضمون ليعطي الاهداف المرجوة منه”.
وتابع: “لسنوات مضت خسرنا الكثير، والنقيب بيار الأشقر كان دائما يقول إننا ملوك الفرص الضائعة، اليوم نقول كفى، لدينا مؤسسات دستورية تعمل باندفاع قوي، وعلى مختلف المحاور للنهوض بالبلد. لدينا قطاع خاص حيوي وشجاع ومقدام ومبدع، لدينا كل هذه المقومات التي ذكرناها آنفا، يبقى علينا ان نعمل من ضمن رؤية واضحة ترسم المسارات التي سنسير عليها في المستقبل، خصوصا لإطلاق سياحة الأربعة فصول سياحة الـ365 يوما أي السياحة المستدامة. وها هو مؤتمرنا اليوم يضع النقاط على الحروف، وسيخرج في نهاية هذا النهار بتوصيات واضحة علينا جميعا تبنيها والذهاب فورا للتنفيذ”.
وأردف: “بالتأكيد التنفيذ، هذا ما ينقصنا في لبنان تحويل الخطط والبرامج الى اجراءات ملموسة، لأنه لا يمكننا الانتظار، فمشاكلنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية كبيرة، لذلك من الضروري الذهاب فورا لاجراءات سريعة تعيد الاعتبار لاقتصادنا. وبالتأكيد من الضروري الشروع فورا بتنفيذ مشاريع البنى التحتية التي أقرها مؤتمر سيدر، والتي من دونها لا يمكن الحديث عن أي عملية نهوض في مختلف القطاعات، وخصوصا القطاع السياحي، الذي يتطلب بالدرجة الأولى انهاء أزمة السير وبيئة نظيفة”.
وقال: “نحن بالنسبة لنا كقطاع خاص جاهزون دوما للذهاب بعيدا، وكذلك على أتم الاستعداد لبناء شراكة فعلية مع القطاع العام خدمة لاقتصادنا ومجتمعنا. وهنا لا بد من الاشادة بأداء الوزير أواديس كيدانيان الذي قطع شوطا كبيرا في هذه الشراكة، وأنا كلي ثقة بأن هذا التعاون البناء مع النقابات السياحية سنتمكن من إحداث نقلة نوعية على مستوى القطاع السياحي”.
أضاف: “مما لا شك فيه، ان الرهان كبير على القطاع السياحي للمساهمة بشكل فاعل بإنقاذ اقتصادنا، خصوصا ان استعادة ما خسرناه من مداخيل سياحية، أي حوالي 4 مليارات دولار في السنة، كفيلة بقلب الواقع رأسا على عقب. ولا بد أيضا من الأخذ بالاعتبار والتركيز على استعادة الاشقاء الخليجيين الذين يشكلون ثقلا وازنا في سياحتنا”.
وختم: “نعم، نحو سياحة مستدامة، لأننا نمتلك كل الامكانات والطاقات، ولأن السياحة تعيش في قلوبنا ووجدانا وعقولنا، وبإذن الله سيبقى لبنان لؤلؤة المتوسط وقبلة الشرق والغرب”.
وأخيرا، قال كيدانيان: “ان التعاون بين وزارة السياحة والقطاع الخاص سيمكننا من الوصول الى سياحة مستدامة”.
أضاف: “لحسن الحظ بأن خطة ماكينزي اعتبرت السياحة في لبنان احد الموارد الاساسية التي يتكل عليها البلد للخروج من الازمة الحالية”.
وتابع: “للمرة الاولى نشعر بأننا نعمل في هذا القطاع بتقنية وامكانات علمية، ونعمل على سياحة استراتيجية تعتمد التفاعل بين القطاعين العام والخاص”.