كلمة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون
كلمة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون :
ايّها اللبنانيات واللبنانيون، احبائي،
إنها المرة الاولى منذ قرابة القرن ونيف، التي يواجه فيها لبنان وباء يعمّ العالم. إنه وباء الكورونا، الذي صنّفته منظمّة الصحة العالمية منذ بضعة ايام وباءً عالميًا. وهو ينتقل بطرق شتّى وقد يهدد الحياة، عابرّا حدود الانظمة والدول، ولم يتمكّن العلم حتى الآن من ايجاد الوقاية او العلاج الناجع له. لهذا فإنّه يتطلّب اتخاذ اقصى درجات الوقاية والحماية للحدّ من سرعة انتشاره.
لأسابيع مضت، لم نتخلّف مطلقاً عن المواجهة، بتصميم، وارادة ووعي، بشكل آني واستباقي. وقد تجنّدت مختلف القطاعات الصحيّة في لبنان، بمتابعة مباشرة من دولة رئيس مجلس الوزراء واللجنة الوزارية للوقاية من فيروس الكورونا، وتم اتخاذ الاجراءات اللازمة كافة وبسرعة نموذجية من اجل مواجهة مخاطر هذا الوباء، والحد من انتشاره في وطننا وبين مواطنينا. وقد كانت التدابير المتخذة وسرعة انجازها على المستويّين العام والخاص، وسط ظروف اقتصادية ومالية هي في غاية التعقيد، محطّ تقدير من قبل مرجعيات دولية، لا سيما وأنّ لبنان كان سبّاقا في اتخاذها بالمقارنة مع دول شقيقة وصديقة، عدد سكانها اكبر كما نسبة الاصابات فيها.
اليوم، وامام سرعة انتشار هذا الوباء، وعدم القدرة العالميّة والمحليّة على احتوائه حتى الآن، وارتفاع عدد المصابين به، يجتمع مجلس الوزراء، بجلسته الاستثنائية هذه، لأقرار سلسلة من التدابير الاستثنائية والمؤقتة، التي سيتم الاعلان عنها في نهاية الجلسة، لا سيما وان الحالة الراهنة تؤلف حالة طوارىء صحية تستدعي اعلان حالة تعبئة عامة في جميع المناطق اللبنانية.
ايّها اللبنانيات واللبنانيون،
انها ساعة الحقيقة بالنسبة الينا جميعًا، وهي الاولى في تاريخنا المعاصر. فأمام صحة كل مواطن تسقط الاعتبارات السياسية الضيقة كافة. ليس الوقت مطلقًا لتسجيل نقاط وتبادل الاتهامات، كما أنّه ليس الأوان للاستثمار السياسي ايّاً كان. فهذا الوباء لا يميّز بين موالٍ او معارض، بين مطالب بحق او لا مبالٍ.
انها ساعة التضامن الوطني بالنسبة الينا جميعًا. وتضامننا هذا يجب ان نترجمه معًا، ببعديه: الانساني والمجتمعي، وبطرق مبتكرة وجديدة. فجميعنا واحد امام اي خطر يهدد سلامة حياة ايّ من اللبنانيين، وفي اي منطقة لبنانية.
ومن جهتي، لن اتهاون مطلقًا في سبيل تأمين الحماية اللازمة لأيّ مواطن ومقيم من هذا الوباء، والعلاج اللازم لأي مصاب به. واني واثق انّ مجلس الوزراء هو قلب واحد ويد واحدة الى جانب السلطات المعنية من اجل تحقيق هذه الغاية. وهذا الأمر من صلب مسؤولياتنا الوطنية نتحملّها.
ايّها اللبنانيات واللبنانيون،
انّي اشاطر قلق كلٍّ منكم على نفسه واهله واحبائه. لكن الخوف لم يكن يومًا طريقنا كلبنانيين لمواجهة الاخطار.
انّ كلّاً منّا مدعو، من موقعه، الى الالتزام بالوعي والتوجيهات الطبيّة المطلوبة اولا، التي تتوّلى مختلف الجهات الرسميّة والطبيّة والاعلاميّة، نشرها وتعميم كيفية التقيد بها.
كما انّنا مدعوون الى انبل وارقى مظاهر الالتزام الانساني ببعضنا البعض، مع التقيّد بالمطلوب منّا لتأمين اقوى درجات الحماية، فنبتعد عن الاختلاط، ونلتزم منازلنا.
ليست هذه الايام الصعبة التي نجتازها، مهما طالت، سجناً ولا هي عقاباً، كما انّها ليست في الوقت عينه فرصة للتوقّف عن دورة الحياة والاستسلام للفراغ. فكلٌّ منّا مدعو ان يواصل عمله، من منزله، بالطريقة التي يراها مناسبة فتستمر عجلة التحصيل للطالب، والعمل للعامل، وتبقى المؤسسات حيّة وفاعلة قدر المستطاع.
فلنغتنم هذه الايام، مهما طالت، لنؤكد اننّا شعب واحد جدير بالحياة، وقادر على التغلّب على صعابها.
ايّها اللبنانيات واللبنانيون،
إنّ لكم اخوة واشقاء وامهات وآباء تطوّعوا للمساندة في عمليات المواجهة الطبية في مستشفياتنا. بأسمكم جميعاً اتوجه بتحيّة إكبار الى كلّ منهم، فهم القدوة في التفاني لسلامة الانسان اللبناني وحياته.
وللجسم الطبي والتمريضي في مستشفياتنا الحكومية والخاصة، الذي هو الآن في الصفوف الامامية من المواجهة، ومن افراده من اصيب بهذا الوباء، تحية إجلال ودعوة للمضي قدماً.
ولكل مصاب بهذا الوباء، الدعوة بالشفاء العاجل. وجميعنا ننحني مهابة امام ذكرى من سقط ضحيته.
ايّها اللبنانيات واللبنانيون، احبائي،
وحدتنا الوطنية كانت وتبقى مصدر قوّتنا ودرع حمايتنا. بها حقّقنا منعتنا، واليوم ستدعم صلابتنا وستؤكد غلبتنا على هذا الوباء، لكي نستعيد في اقرب وقت انتظام حياتنا المعتادة وعشق الحياة الذي يميّزنا.
عشتم وعاش لبنان!