افتتاح منتدى المسؤولية الاجتماعية افيوني: لحل ثغرة غياب الحوكمة جريصاتي: الاقتصاد الدائري ضرورة سلامة: مستمرون بتأمين استقرار الليرة
افتتاح منتدى المسؤولية الاجتماعية افيوني: لحل ثغرة غياب الحوكمة جريصاتي: الاقتصاد الدائري ضرورة سلامة: مستمرون بتأمين استقرار الليرة
افتتح المنتدى السنوي التاسع للمسؤولية الاجتماعية للشركات “سي.اس.آر ليبانون” بعنوان “الاقتصاد الدائري”، صباح اليوم، في فندق “فور سيزنس”، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وحضور سفير هولندا في لبنان يان والتمانس، النواب: رلى الطبش، عناية عز الدين، بولا يعقوبيان وفؤاد مخزومي، ممثل قائد الجيش العقيد هاني غصين، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي المقدم شادي سرحال، ممثل المدير العام للامن العام المقدم سليم البرجي، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، رؤساء وممثلي هيئات اقتصادية ورجال اعمال وصناعيين وممثلي جمعيات ومنظمات غير حكومية وناشطين في هيئات المجتمع المدني ومهتمين.
قصار
بعد النشيد الوطني، وتقديم للزميلة ميرنا اسحق، قال رئيس “سي.اس.ار ليبانون” خالد قصار: “ان مفهوم الاقتصاد الدائري كما تعتمده الدول التي تحترم حقوق مواطنيها، يعني تأمين هواء نظيف ومياه صالحة للشرب، هو ان نفكر في نهاية كل سلعة منذ بداية انتاجها وليس فقط في طريقة معالجة الاثار المترتبة عنها”.
أضاف: “سياسات الاقتصاد الدائري تعتمد ليس وفقا لادارة سليمة للنفايات، بل ايضا في سبل تمويل الصناعات النظيفة وجذب رؤوس الاموال والاستثمارات وتمويل الهيئات المانحة وبيوت المال الدولية بما يوفر آلاف فرص العمل الجديدة حول العالم، وهو منهج متكامل للابتكار والابداع التكنولوجي والرقمي في الصناعة ويدعمها”.
ازهري
من جهته، لفت رئيس مجلس ادارة “بنك لبنان والمهجر” سعد ازهري الى ان “الاقتصاد التدويري هو في اقتصاد المستقبل، إذ يحمل في طياته إستعمالا منظما للموارد يراعي التغيرات المناخية والبيئية ويعمل على توفير نمو اقتصادي يخفض من مستويات التلوث والإحتباس الحراري في العالم ويؤمن للأجيال القادمة حياة أكثر استدامة وسلامة”، معلنا “استعداد القطاع المصرفي لتطوير دعمه القضايا البيئية من خلال تمويل مختلف جوانب الإقتصاد التدويري إذا توفرت الشروط والفرص المناسبة، وليساهم بذلك في تعزيز التدوير في الحياة الإقتصادية اللبنانية”.
الزغبي
ثم عرض مدير مكتب الاستدامة في مؤسسة ماجد الفطيم ابراهيم الزغبي لمبادرات المؤسسة في “دعم الاقتصاد الرقمي والمساهمة في انشطة مواجهة الاثار السلبية للاحتباس الحراري وتغير المناخ وزيادة الوعي حيال هذا الواقع من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني، بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية للاجيال المقبلة”.
وأشار الى ان “العالم يحتاج الان الى مقاربة مختلفة للاقتصاد تأخذ في الاعتبار الواقع الاجتماعي وتأمين استدامة الموارد والتوعية على انماط الاستهلاك السليم للتقليل من انتاج النفايات”، مشددا على اهمية “الفرز وتدوير كل ما يمكن تدويره منها”.
افيوني
أكد وزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل أفيوني الحاجة الى “تنفيذ خطة عمل الحكومة والاعتماد على أعلى معايير الحوكمة والشفافية”. وقال: “ان موضوع الاقتصاد الدائري ليس جديدا على المستوى العالمي وبدأ صداه يتردد في أكثر من دولة عربية عبر إجراءات ومشاريع توفر على الحكومات والشعوب ملايين الدولارات وتساهم في تحقيق النمو المستدام الطويل الأمد، بما يتماشى مع التوجهات العالمية في التنمية المستدامة والقيم الإنسانية وتحسين جودة الحياة”.
أضاف: “يحمل الداعون إلى تطبيق هذا المفهوم شعار “من المهد إلى المهد” أي الاستفادة قدر الإمكان من المنتج عبر تدويره وإعادة إخراجه في أشكال واستعمالات جديدة لخدمة الاقتصاد والبيئة معا، وأعتقد أن هذا ما نحتاج إليه في لبنان، في ظل الملفات الشائكة التي علينا معالجتها وأبرزها النفايات والمياه والبيئة والكهرباء والهدر، من هنا فإن الاقتصاد الدائري مهم جدا للبنان وضروري للعبور نحو ضفة الاقتصاد العصري الذي نعبد الطريق ونسعى لاتخاذ الاجراءات للوصول إليه، خصوصا في ظل الاوضاع الاقتصادية والمالية الدقيقة التي نعيشها اليوم، وانا اعتبره فعلا احد اعمدة التحول الاقتصادي الجذري الذي يجب ان نحققه لزيادة النمو وتحفيز إقتصادنا وقطاعاتنا الانتاجية وبناء اقتصاد عصري ومستدام”.
وتابع: “في هذا الوقت الذي يواجه فيه الشعب اللبناني والوطن برمته ازمة اقتصادية ومعيشية ومالية دقيقة، لا بد من الايضاح أن أسباب هذه الازمة متعددة بعضها مشاكل بنيوية نعاني منها منذ سنين، وبعضها بسبب الاوضاع الإقليمية وعدم الاستقرار في المنطقة ومفاعيلها على اقتصادنا. واود ان أقول لكم اننا لن نستسلم للازمة، نحن كشعب لدينا القدرة للتغلب على العاصفة ولدينا الرأس مال البشري والطاقات وميزة الابتكار والشبكات الدولية والخروج من المحنة ممكن.
هناك خارطة طريق وضعتها حكومتنا عند تشكيلها وفيها خطة عمل وفيها الاصلاحات الضرورية التي التزمنا بإطلاقها لايصال البلد الى بر الأمان، وحتى يتبوأ شعبنا المكانة التي يستحقها في النمو والازدهار والأهم من ذلك أننا بحاجة إلى تنفيذ هذه الخطة بطريقة سريعة وفعالة و ان نعتمد اعلى معايير الحوكمة و الشفافية للوصول الى هذا الهدف”.
وأوضح افيوني أن “المحور الأول لخارطة الطريق هو المحور المالي: إصلاحات مالية جذرية وسريعة في مالية الدولة وهيكلية الدولة لتخفيض العجز بشكل جدي وهذا ما يؤدي طبيعيا الى استعادة الثقة في الاسواق ولدى اللبنانيين، واستعادة الثقة تؤدي الى عودة الرساميل والودائع وعودة الرساميل والودائع تؤدي طبيعيا الى انخفاض في الفوائد العالية التي تكبل اليوم اقتصادنا ومؤسساتنا وتثقل كاهل كلفة خدمة الدين العام”.
وقال: “المحور الثاني هو المحور الاقتصادي: تحفيز النمو والحركة الاقتصادية عبر المشاريع الكبرى في البنى التحتية وهذا دور مشاريع سيدر وهي مشاريع حيوية نحن بحاجة اليها لإعادة تأهيل وتطوير البنى التحتية ويترافق ذلك مع تطبيق خطة ماكينزي وتفعيل القطاعات الإنتاجية وهنا بيت القصيد. لقد حان الوقت لكي يحجز لبنان مكانة له في اقتصاد القرن الحادي والعشرين وان نلج الى الثورة الصناعية الرابعة، وأن نبني نموذجا اقتصاديا عصريا ومستداما، اقتصاد يعتمد بدرجة أكبر على القطاعات الإنتاجية وبدرجة أقل على الوساطة والاستهلاك، وأن نزيد صادراتنا ونقلل من نسبة وارداتنا وأن نجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية المباشرة وأن نخفف من الاقتراض. حان الوقت لكي نبني اقتصادا قائما على المعرفة يتيح الفرصة لشبابنا للتألق كقادة مبدعين. اقتصاد يعتمد على التكنولوجيا التي اندمجت في عصرنا هذا بكل مرافق الحياة وباتت جزءا لا يتجزا من كل القطاعات ومفتاح النمو والازدهار والإبتكار”.
أضاف: “ان اقتصاد المعرفة وقطاع التكنولوجيا فرصة للبنان ولشباب لبنان، نحن لدينا الطاقات البشرية والذهنية وقصص النجاح التي تخولنا ان نطمح وان نحقق طموحنا، وطموحنا هو ان نحول لبنان الى مركز إقليمي لاقتصاد المعرفة يستقطب الشركات والرساميل وفرص العمل، ولكننا بحاجة ملحة لخلق بيئة استثمار ملائمة وجاذبة وتنافسية أمام الراغبين في العمل وفي الاستثمار، وبحاجة لتحسين وتطوير بيئة الاعمال واللحاق بركب الدول المتقدمة والعمل على إصلاحات تشريعية وإدارية وحوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين والشركات الناشئة ورواد الاعمال كي نضع لبنان على خارطة الاستثمار العالمية، كوجهة أعمال جذابة ومدخل الغرب الى الاسواق العربية والأفريقية. وبحاجة الى رقمنة المعاملات التجارية والمالية والانتقال من اقتصاد ومجتمع يعتمد على الكاش (النقد) الى مجتمع لا يحتاج الى الكاش لإجراء معاملاته cashless society لما لذلك من اهمية في تفعيل وتسريع المعاملات والحد من الهدر والتهرب ومكافحة الفساد. هذه العناوين في صلب أولوياتنا كوزارة للاستثمار والتكنولوجيا، ومشروع التحول الرقمي في القطاع العام وفي الاقتصاد في صلب أولوياتنا كحكومة”.
وتابع: “هناك ثغرة اساسية تعيق طموحنا في تحقيق الاصلاح والنمو المنشود ولا بد لي من التشديد عليها، وهي غياب الحوكمة الواضحة والشفافية الكافية في القطاعين العام وكذلك في القطاع الخاص، وهذا تحد أساسي يحب مواجهته ومعالجته بأسرع وقت، ولا يمكن لنا الانتقال إلى اقتصاد عصري يشكل اقتصاد المعرفة جزءا مهما فيه إذا لم تحل ثغرة غياب الحوكمة التي نعاني منها”.
وأردف: “اسمحوا لي أن أستعير شعارا أطلقه السفير الجديد للاتحاد الاوروبي في لبنان السيد رالف طراف وأعجبني، إذ أشار الى أنه حين قاد الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون حملته الانتخابية للفوز برئاسة بلاده رفع شعاره الشهير “إنه الاقتصاد يا غبي”، ونحن اليوم في معركتنا الجارية لإنقاذ إقتصاد بلادنا علينا رفع الشعار نفسه “إنه الاقتصاد يا غبي” وإضافة شعار جديد “إنها الحوكمة يا غبي” لأنها شرط أساسي وضروري لتنفيذ الإصلاحات التي وعدنا الشعب اللبناني بتطبيقها، وللفوز بثقة المؤسسات الدولية والمستسثمرين والأسواق العالمية والدول الغربية التي ترصد مدى جديتنا قبل إتخاذ الخطوات الاصلاحية لتبادر بعدها لمساعدتنا، وبما أننا شعب مشهود له بقدرته على التكيف والمرونة ومواجهة الصعوبات، علينا أيضا إثبات أننا مصممون على تطبيق مبدأ الحوكمة والشفافية لإنقاذ بلدنا من الازمة الاقتصادية الحادة التي نجهد لعبورها بسلام وان نرسو به على شاطىء النمو المنشود”.
وختام قائلا: “اسمحو لي أن أعيد التأكيد بأننا شعب لا ينقصه الرؤية ولا الكفاءة ولا الطاقات البشرية للاستيقاظ من كبوة الجمود الاقتصادي الذي نعيش فيه، وما نحتاجه هو توحيد الجهود والتعاون للسير على طريق الاصلاح الصحيح ولا مفر أمامنا إلا السير على هذا الدرب”.
جريصاتي
من جهته، دعا وزير البيئة فادي جريصاتي الى “عدم فقدان الايمان بلبنان وبالبيئة”، وقال: “رغم كل السواد القائم في لبنان، ورغم فشلنا كقطاع عام في ادارة ملف النفايات، ما زال بإمكاننا تغيير الصورة”.
وتوجه الى المنظمين بالقول: “أشكركم على الاضاءة على اهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات وعلى اهمية الاقتصاد الدائري الذي هو اقتصاد المستقبل ويحمل نحو 20 الى 30 سنة الى الامام”.
وحيا حاكم مصرف لبنان، وقال: “مشروعان يجمعان وزارة البيئة بمصرف لبنان، هما مشروع مكافحة التلوث Lepap الذي من خلاله نقدم قروضا مدعومة جدا للمصانع اللبنانية الراغبة في نيل شهادة الالتزام البيئي، وهذا مشروع حيوي مهم ونجح بدعم من مصرف لبنان، ونحن حاليا بتفاوض مع حاكم المصرف للحصول على 50 مليون دولار اضافية لنجبر صناعاتنا على أن تلتزم بيئيا لأن هذا من مسؤوليتها. ومؤتمرنا اليوم هو حول المسؤولية الاجتماعية والبيئية، آخذين في الوقت ذاته بعين الاعتبار أوضاع هذه المصانع والازمة التي نمر بها. وأغتنمها مناسبة لأشكر سعادة الحاكم على مبادراته ومن بينها قبوله رعاية مؤتمر اعادة التدوير الذي تنظمه وزارة البيئة سنة 2020”.
وتطرق الى الحملة الوطنية الهادفة الى استبدال أكياس النايلون بأخرى متعددة الاستعمال، شاكرا مؤسسة “كارفور” على “تعاونها ومبادرتها الى تأهيل مرملة في منطقة ميروبا ما يساعد وزارة البيئة على تغيير الصورة بعدما أكلت المرامل والكسارات جبالنا”، وقال: “إننا بحاجة الى كسارات وبوصولكم الى كسارات مسؤولة والى صيد مسؤول من خلال عدم قتل الطيور العابرة في سمائنا والى بيئة مسؤولة. ونحن كدولة ايضا لدينا مسؤولية تجاه بحرنا من خلال حماية شواطئنا من النفايات ومن عدم نزول الصرف الصحي مباشرة الى مياه البحر، وهذا التغيير يتطلب 3 ركائز هي: مواطن مسؤول وبلدية مسؤولة ودولة مسؤولة. ومن هنا تحاول وزارة البيئة القيام بدورها وتحمل مسؤولياتها ويمكنني أن أضيف القطاع الخاص الذي يقوم بدوره”.
وأكد اهمية “التنمية المستدامة والدور الذي يتولاه كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ونائب رئيس الحكومة غسان حاصباني وكيفية تعاطي لبنان جديا في هذا الموضوع”، متمنيا أن يكون “النقاش مثمرا حول الاقتصاد الدائري وأن يفكر كل مواطن الى أين تذهب كل مادة يستهلكها، لذلك يجب التفكير بإعادة التدوير”.
وفي موضوع النفايات، شدد على اهمية “الفرز من المصدر الذي صدر بمرسوم، وعلى خطة وزارة البيئة لتحويل نفاياتنا الى طاقة وهي طاقة نظيفة وتوفر على الخزينة استيراد الفيول بدولارات”.
سلامة
أما حاكم مصرف لبنان فقال: “لا تكتمل أي مؤسسة أو شركة أو مصرف أو مصنع من دون مبادرات إجتماعية. إن الشمول المالي موضوع يشغل اليوم جميع السلطات النقدية وصندوق النقد الدولي، وهو موضوع يهم مصرف لبنان على الأخص، إذ يعتبر أنه يساهم في تعزيز مستوى المعيشة في الدول عامة وفي لبنان خاصة. في هذا الإطار، أطلق مصرف لبنان مبادرات عدة، كالقروض السكنية المدعومة التي لا تزال قائمة. هناك اليوم في بعض المصارف التي اختارت أن تستمر معنا في هذه المبادرة، حوالي 280 مليون دولار مخصصة للقروض السكنية. كما أطلق مصرف لبنان قرضا للمغتربين تبلغ قيمته حوالي 100 مليون دولار. وقامت الكويت بدورها بتقديم قرض يساوي 170 مليون دولار موجه للقروض السكنية وهو بانتظار الحكومة لإقراره. ففي الأسواق اللبنانية اليوم 500 مليون دولار تقريبا لتأمين الطلب على القروض السكنية، الأمر الذي يخدم قطاعنا العقاري”.
أضاف: “إن تعزيز الثقة في لبنان وصورته ومستقبله يساعد القطاعين العقاري والسكني. غير أن اليوم، يقوم بعض اللبنانيين بتحويل أموالهم وادخاراتهم إلى قبرص واليونان وغيرها من البلدان، للحصول منها على جواز سفر وإقامة. نأمل بأن يتغير هذا الوضع قريبا، فنعزز الثقة في لبنان ومستقبله”.
وتابع: “من المواضيع الأخرى المهمة لتأمين الشمول المالي، هي تسهيل طرق الدفع. إن مصرف لبنان في صدد إصدار تعاميم حول وسائل الدفع والتسليف بالوسائل الإلكترونية، ويسعى إلى وضع التطبيقات المشمولة فيها تحت مظلة المصارف، ما يشجع القطاع التكنولوجي في لبنان ويسهل عملية الدفع والاقتراض على المواطنين. نأمل أن تصدر هذه التعاميم قريبا، فتتمكن المؤسسات المهتمة من طلب ترخيص من مصرف لبنان الذي يقتصر دوره في هذا المجال على منح الترخيص والإشراف. ويترك المركزي للأسواق حرية التصرف بما يتعلق بتطبيق وتطوير الأنظمة التي تسمح للبنانيين بتنفيذ عملياتهم في جميع المناطق اللبنانية، حتى تلك التي لا يوجد فيها فروع للمصارف”.
وأوضح أن “العملة الرقمية ستكون بالليرة اللبنانية فقط وليس بالدولار، وستساعد المستهلك على تحرير مدفوعاته بكلفة أقل”، مذكرا الجميع بأن “الليرة اللبنانية لا تزال هي عملة البلد”.
وقال: “مصرف لبنان مستمر، ضمن إمكانياته، في تشجيع القطاعات الانتاجية والقطاعات الاقتصادية عامة، ومستمر في تأمين استقرار سعر صرف الليرة. الكثيرون يتحدثون اليوم عن فرق بين سعر صرف الليرة لدى المصارف ولدى الصيارفة. ولكن، إذا ما عدنا في التاريخ، يتبين لنا أن هذا الفرق لطالما كان قائما، ففي بعض الأحيان كان السعر لدى الصيارفة أقل من السعر لدى المصارف، وأحيانا أخرى أكثر. وسبب هذا الارتفاع أو التراجع، هو أن أسواق الصيارفة والأوراق النقدية بالدولار، هي أسواق لا يتدخل بها مصرف لبنان إلا من ناحية التنظيم. فالصراف لا يملك حسابات في مصرف لبنان، وبالكاد يملك حسابات في المصارف، وهو يتعاطى بالأوراق النقدية بموجب جميع الخصوصيات التي يملكها. وما شهدناه ابتداء من حزيران هو ارتفاع الطلب على هذه الأوراق النقدية، لا بل تضاعف قيمة شحن الأوراق النقدية التي يستخدمها الصرافون. ربما هذا الطلب محلي، من محطات البنزين أو الأفران أو الصيادلة بسبب الدولرة، بحيث أن المستورد يطلب من عملائه الدفع بالدولار إذ لا يملك الإمكانيات الكافية ليتعاطى مع مصرفه بالدولار، نتيجة زيادة الاستيراد لبعض المواد التي لا نعلم إذا ما كانت للاستهلاك المحلي أم لا”.
أضاف: “هذا الارتفاع بالطلب على الأوراق النقدية بالدولار أدى إلى كلفة إضافية تراوحت بين 1 و3% بالنسبة للأسعار الموجودة في المصارف. استغل البعض هذا الوضع واستخدم أجهزة الصراف الآلي (ATM) لسحب مبالغ بالدولار وتقييدها في حسابه بالليرة، ثم بيعها لدى الصيارفة لتحقيق الربح، وإيداع المبلغ بالليرة من جديد في الـ ATM، علما بأننا من البلدان القليلة التي تضع الدولار في الـ ATM. لذلك، وافقنا على طلب المصارف اعتماد مبدأ السحب بالدولار لمن كان حسابه بالدولار، والسحب بالليرة لمن كان حسابه بالليرة. أما في ما يخص العملاء الذين يكون دخلهم بالليرة ويملكون قروض تجزئة بالدولار، فاتفقنا مع المصارف على أن تقوم هي بعملية التحويل لدى تسديد هذه القروض وليس الصيارفة”.
وتابع: “من ناحية أخرى، قد يتسبب اقتصادنا المدولر بمشاكل لجهة تسديد فواتير الاستيراد. فعندما زاد استخدام الليرة اللبنانية في الأسواق التجارية، أصدر المركزي تعميما تستطيع المصارف بموجبه شراء الدولار من مصرف لبنان لتمويل استيراد المشتقات النفطية (بنزين، مازوت، غاز) والقمح والأدوية. إن هذا الأمر أساسي لتأمين الاستقرار الاجتماعي وعدم خلق المزيد من الفوضى. سنطبق هذا التعميم بالاتفاق مع المصارف، وقد وضعنا له ضوابط ربما أزعجت البعض، لأننا لن نسمح بأن يستفيد من يستورد الدولار من مصرف لبنان ويبقي في المقابل سيولته في المصارف، لتلقي الفوائد. لدينا إمكانيات متوفرة لتأمين الدولار لاستيراد هذه المواد الأساسية. على المصارف التي ستفتح الاعتمادت، التأكد من أن هذه الأخيرة مخصصة حصرا لتغطية استيراد السلع بهدف الاستهلاك المحلي. هذا الأمر أساسي للوضع المالي في لبنان، ولسمعته ولبقائه منخرطا في العولمة المالية”.
وختم: “نأمل من الحكومة إقرار موازنة لسنة 2020 تعطي إشارة إيجابية للأسواق، من حيث تخفيض العجز. ونحن مستعدون لتسديد استحقاقات الدولة بالدولار، لأسباب نقدية ولحماية مصداقية لبنان وقدرته على تمويل اقتصاده”.