حول يهودية تدمر وزنوبيا
حول يهودية تدمر وزنوبيا
في أي موقع أوروبي أو أميركي حول تدمر وزنوبيا تجد أن اقتران تدمر باليهودية وكأن أمر مفروغ منه. وحتى أن زنوبيا نفسها كانت يهودية حسب ذلك الزعم. أو أن اليهود كانوا يشكلون جالية كبرى في تدمر..
ورغم أن المكتشفات الاثرية أو النقوش التدمرية لم تثبت أي عنصر من العناصر السالفة إلا أنها لاتزال فاعلة في المحافل الاكاديمية الغربية.
وقد بحثت في أصل هذا الموضوع فخرجت بمجموعة من الأفكار الأولية التي تفسر هذه الظاهرة، ويمكن أن أجملها بما يلي:
1- أول من ألصق تهمة اليهودية بالملكة زنوبيا هم آباء الكنيسة الانطاكية بسبب الخلاف بينهم وبين أسقف المدينة بولس السميساطي الذي كان واليا لمملكة تدمر على المدينة، و الذي كان يحمل أفكارا هرطوقية بحسب رأيهم حول وحدانية الاله وعلاقته بالمسيح. وطبعا زنوبيا لم تكن يهودية بل على دين التدمريين والذين كانوا يؤمنون بإله واحد خالق لكل شيء. وعلاقة هذا الإله بباقي الارباب كبعل شامين واللات وبل وغيرهم هي تشبه علاقة الله بالملائكة.
2- عاشت في مدينة دورا اوربوس جالية يهودية كبيرة ذات طبيعة تجارية وكان لها كنيس هو الاكبر والاهم والاجمل في التاريخ المكتشف. و دورا كانت تابعة لتدمر وتعد ميناءها الأهم على الفرات.
3- خلق اقتباس اليهود للأبجدية التدمرية انطباعا بأن اللغة التدمرية هي لغة عبرية.. وهذا خطأ كبير لأن يهود دورا على الأغلب هم من نقلوا الحرف التدمري لليهود عموماً.
4- حدث خلط متعمد بين مدينة تمار التوراتية وبين تدمر لابراز عظمة الملك سليمان، وجرى تجيير تسمية تدمور الارامية التي تعني الاعجوبة، إلى تسمية تمار أي التمر والنخيل في تفسير بائس متأخر لتسميتها اللاتينية بالميرا أي مدينة النخيل.
مع التأكيد على الحقائق التالية:
* لم يعثر في مدينة تدمر على أي نقش أو رمز يهودي.
** لم يعثر في مدينة تدمر على أي نقش أو رمز مسيحي في زمن ما قبل تدميرها على يد أورليان. بينما عثر على ذلك في مدينتهم على الفرات دورا أوروبس، وعلى كنيسة في العصر البيزنطي اللاحق.
*** النقوش التي حاول بعض الباحثين الغربيين نسبتها للمسيحية أو اليهودية، هي التي تتعلق بالإله الذي لا يسمى باسم، وهي نقوش لأتباع الديانة التدمرية، لأن الإله الذي يوصف بالمبارك اسمه إلى الأبد هو الاله الواحد الذي كان يعبده التدمريون ولا يسمونه خشية توصيفه لأنه منزه عن الصفات.
**** يبدو أن التدمريين كانوا يمنعون أتباع الديانات الأخرى من الإقامة في تدمر لأنها كانت مدينة مقدسة يقام فيها موسم سنوي للحج. وهناك أدلة كثيرة على ذلك.
الصورة: لوحة فريسكو من كنيس دورا أوروبس لقصة النبي موسى والعثور عليه في النهر حوالي 150 ميلادي (متحف دمشق الوطني).