بوادر رفع الدعم أواخر أيار تمهّد للإرتطام الكبير…
بوادر رفع الدعم أواخر أيار تمهّد للإرتطام الكبير والبطاقة التمويلية تبحث عن مموّل!
بدأ العدّ العكسي لرفع الدعم نهاية أيار الحالي، حيث تنتهي أموال الدعم، وفق الكتاب الذي كان قد وجّهه حاكم مصرف لبنان إلى وزير المال قبل أسابيع، أبلغه فيه عدم قدرته على الاستمرار بسياسة الدعم الحالية التي تساهم باستنزاف احتياطاته. لعل أولُ الغيت، رفعَ الدعم عن الدواجن وقرارَ المصارف التوقف عن قبول ملفات جديدة لدعم استيراد المستلزمات الطبية.
لا نريد أن نتخيّل سيناريو جنون الأسعار بعد وقف الدعم، كم سيبلغ ثمن صفيحة البنزين؟ ربع الحدّ الأدنى للأجور؟ ماذا عن قارورة الغاز، علبة الدواء، وما تيسر من مواد غذائية، في قائمةٍ خالية من اللحوم، ستجعل على الأرجح الغالبية العظمى من الشعب نباتيين رغمًا عنهم.
حكومة دياب لو فعلتها قبل أشهر
في الوقت الفاصل عن رفع الدعم، كان يفترض بأهل الحكم الأقوياء منهم والضعفاء أن يجدوا البديل، والذي اصطُلح على تسميته بـ “البطاقة التمويليّة”. الحكومة الحالية لم تكن تريد أخذ القرار برفع الدعم في ظل ولايتها، لذلك عمدت إلى دفن رأسها في الرمال في سياسة تقطيع الوقت، إلى حين تأليف حكومة جديدة تتلقّف كرة النار. ولكن الوقت مرّ، ووصلنا إلى الإستحقاق، من دون أن تتألف حكومة، كما لا بوادر حيال قرب ولادتها. من هنا عملت حكومة تصريف الأعمال على مشروع البطاقة التمويلية، ولكنها اصطدمت بمعضلة تأمين الأموال، بوجود ثلاثة خيارات، قروض ومساعدات خارجية بالدولار وهي غير متوفرة، طبع المزيد من الليرة ما ينعكس تضخمًا إضافيًا وارتفاعًا في سعر صرف الدولار، وخيار اللجوء إلى ما تبقّى من الإحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، أي ما تبقى من أموال المودعين، وهو خيار يلقى اعتراضًا من قبل العديد من الكتل النيابية.
الحجار: رفع الدعم من دون بطاقة تمويلية يفجّر الوضع
في هذا التوقيت دخل المجلس الإقتصادي الإجتماعي على الخط، راسل رؤساء الكتل النيابية، وعينت كل كتلة نائبًا عنها، عقدت جلسات عديدة بين الفريقين، بمشاركة خبراء اقتصاديين وممثلّة عن “البنك الدولي “. خلُص المشاركون إلى صياغة مقاربة واحدة لترشيد الدعم، تتمحور حول توجيه الدعم إلى مستحقّيه، وعدم المسّ بالاحتياطي الإلزامي، وفق ما أكّد النائب محمد الحجار في حديث لـ “لبنان 24″. رفع الدعم من دون أن يتزامن مع البطاقة التمويلية للأسر الفقيرة سيأخذ البلد إلى انفجار اجتماعي يقول الحجار ” وكذلك المس بما تبقى من الودائع لتمويل البطاقة أمر مرفوض بالكامل، من هنا نرى أنّ المدخل السليم لحل الإشكاليّة أن يُصار الى تشكيل حكومة سريعًا، أو أن تعمل الحكومة الحالية على تمويل البطاقة من الهيئات الدولية المانحة، على غرار قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار، والذي لا نعلم لماذا لم يوقع قانونه بعد رئيس الجمهورية”.
الثلاثية التي يجب العمل عليها وفق الحجار ” لا لرفع الدعم قبل البطاقة التمويلية، التمويل من الجهات الخارجية، ولا مساس بأموال المودعين أو ما تبقى منها في الإحتياطي الإلزامي”.
عبد الله: لا حياة لمن تنادي
الكل يدرك أن دعم مصرف لبنان لثلاثيّة السلع الحيوية، المحروقات والقمح والأدوية، لم يكن مجديًا، “بحيث ذهبت الفائدة لجيوب كبار التجّار ومافيات التهريب العاملة على الحدود المشرّعة” يقول النائب بلال عبد الله في حديث لـ “لبنان 24” ، “وهو خيار عارضناه منذ البداية، وقدّمنا أكثر من اقتراح قانون لترشيد الدعم، كي تذهب الأموال مباشرة إلى العائلات المحتاجة دون سواها، ولكن لا حياة لمن تنادي، هذه الحكومة مستقيلة من كلّ أدوارها باستثناء بعض الأمور التي تأتي ضمن سياسة غب الطلب. بالمقابل الحكومة الجديدة بعيدة المنال على ما يبدو، بانتظار التسويات الإقليمية والدولية للأسف، والطروحات التي يُعمل عليها في الوقت الراهن، تأتي في إطار عملية شراء الوقت بالنقود القليلة المتبقّية لحين تأليف حكومة، تبدأ تنفيذ خطة إنقاذيّة إصلاحيّة، ليحصل بعدها تدفق الأموال الخارجية إلى لبنان”.
درغام: الحاجة ملحّة للبطاقة
النائب أسعد درغام بدوره رأى عبر “لبنان 24” أنّ الحاجة باتت ملحّة لرفع الدعم او ترشيده، خصوصًا أنّ المهلة بدأت تنفذ “ولا يمكن رفع الدعم بالمطلق في ظل الوضع الإجتماعي، ولا بديل سوى البطاقة التمويلية، التي يجب أن تغطي 750 ألف عائلة محتاجة وفق ما أعلنه رئيس الحكومة حسان دياب، ولو أنّ ذلك غير كاف، فالمشكلة أكبر وتتعلق بمجمل الأوضاع المالية والإقتصادية في البلد”.
تتسارع الأمور بشكل دراماتيكي، فيما المعالجات تسير بخطى بطيئة، ومع كل يوم يمر يرتفع عدّاد الأسر الفقيرة المهدّدة بأمنها الغذائي، والتي باتت تشكل 70 % من الشعب اللبناني. أمّا البطاقة الموعودة هذه، فقد لا تبصر النور في زمن قريب، بوجود عائقين جوهريين أمامها، لا مصادر تمويل، ولا داتا للأسر المحتاجة، فهل اقتربنا من الإرتطام الكبير؟ وهل يعي معرقلو تأليف الحكومة أي ثمن يدفعه شعب بكامله لأجل أن يضمنوا مكاسبهم الفردية المقيتة؟ وهل من خيانة عُظمى أكثر قبحًا؟