خطة الحكومة لزيادة الضريبة على المصارف: محاولة لإخراج المحتجين من الشارع
تحت عنوان “ورقة الحريري”: زيادة الضريبة على المصارف… هل يقتنع الشارع؟، كتبت صحيفة “الأخبار”: ما تراه السلطة “لصدمة الايجابية” التي تفكر بالاقدام عليها لتنفيس احتقان الشارع واخراج الناس من الساحات، ينحصر في خطوتين: الاولى متفق عليها حتى الآن وتتلخص بموازنة جديدة يصل عجزها الى صفر، من دون فرض اي رسوم او ضرائب جديدة تطال الناس، وتحقق واردات اساسها من المصارف. اما الثانية، فهي بداية حديث عن تعديل حكومي أو تعديل وزاري، ربما عجل به قرار “القوات اللبنانية” الاستقالة من الحكومة. لكن، هل هذا يخرج الناس من الشارع؟
بالامس، كان لبنان، يشهد المزيد من الاحتجاجات الشعبية، وسط سيل جارف من المواطنين الذين لم تؤثر فيهم لا اجراءات القمع المخيفة للقوى الامنية ليل الجمعة – السبت في بيروت، ولا اعتداءات مسلحي حركة امل في الجنوب، ولا تدخل انصار وليد جنبلاط لتحديد مسار التحركات في الجبل.
وكان لافتا العدد الكبير من المشاركين في تظاهرات بيروت الكبرى وبقية المناطق، وسط تعاظم مستوى الاعتراض في طرابلس وصور، وانحسار الصدامات بين المواطنين والقوى الامنية. تقدم المتظاهرون خطوات الى الامام. مسحوا آثار العدوان الذي تعرضوا له ليل امس الاول على يد القوى العسكرية والامنية. وفي الجنوب، خرجوا باعداد كبيرة ردا على بلطجة مسلحي “امل”، لا سيما في صور، في مقابل مساعي قيادة الحركة الى نفض اليد ممن وصفتهم بـ«غير المنضبطين». وركزت الشعارات التي رددها المتظاهرون على رفض اي علاجات وسطية، وطالبوا باستقالة الحكومة والمجلس النيابي. بينما ظلت التحركات من دون قيادة واضحة.
وفي مكان اخر، كانت الاتصالات السياسية قائمة بصورة مكثفة، وتمت تغطيتها بخطاب لافت للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي اعلن تضامنا واضحا مع المتظاهرين، داعيا المسؤولين الى التصرف بجدية مع الذي يحصل على الارض. لكنه اعلن موقفا حاسما لجهة الوقوف الى جانب الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ورفض التغيير في التركيبة. وهو ما اثار انزعاج المتظاهرين ما انعكس انتقادات قاسية له.
ماذا حصل؟
على الصعيد السياسي، يمكن تقديم النتيجة الاتية:
اولا: عمل الرئيس الحريري على حشد التأييد لبقائه في موقعه. اجرى اتصالات داخلية وخارجية لهذه الغاية. وبحسب مصادر مطلعة فقد حصل على دعم مباشر من الولايات المتحدة وفرنسا لبقاء الحكومة وبقائه في منصبه، مع دعوات الى استغلال ضغط الشارع للسير بـ”الاصلاحات” المنتظرة. وعمل على خط القوى السياسية، فناقش مع فريق النائب السابق وليد جنبلاط مخاطر الانهيار والفراع، وطلب دعم الرئيس نبيه بري الذي ساعد على تقديم شروحات كبيرة لجنبلاط لجهة الاثمان الكبيرة التي سيدفعها الجميع في حالة الانهيار.
وقد لاقت هذه المحاولات صداها عند جنبلاط الذي عمد الى ابراز مخاوفه من “مصير شبيه للاكراد” على ما نقل احد المتصلين به. وهو ابلغ قوى كثيرة، وعواصم تتقدمها السعودية، بأنه لا يقدر على تحمل مسؤولية الانهيار الكبير ان سقطت الحكومة. وانتهى النقاش معه بأن أرسل وزير الصناعة وائل ابو فاعور الى لقاء الحريري وتسلم نسخة من اقتراحه لـ”الاصلاحات” الاقتصادية، على ان يعود جنبلاط بالجواب اليوم. لكنه سارع مساء الى اعلان موقف تراجعي محذرا من مخاطر الفراغ والانهيار، من دون ان ينسى اثارة ما يهمه لجهة حاجته الى ضمانات بـ”عدم عزله وان يعود شريكا كاملا” في ادارة الحكومة.
ثانيا: حاول الحريري الامر نفسه مع قائد القوات اللبنانية سمير جعجع. لكن الاخير رفض ارسال مندوب عنه لمناقشة الحريري في الورقة الاقتصادية. وابلغه بان قيادة “القوات” تتعرض لضغوط كبيرة “من قواعدها من الشارع وانها تناقش قرارا سريعا بالاستقالة”. وهو ما عكسته مشاورات داخل قيادة القوات حيث برزت اراء تدعو الى الاستقالة من دون انتظار الاخرين، خصوصا بعد التبدل في موقف جنبلاط، واراء اخرى تخشى ان تكون الاستقالة مناسبة لعزل القوات من جديد. لكن القرار اتخذ اخيرا بالاستقالة الفورية والكاملة من الحكومة، وطلب تشكيل حكومة جديدة.
ثالثا: ناقش الحريري مع غالبية القوى السياسية المؤثرة في الحكومة، من التيار الوطني الحر الى حركة امل وحزب الله وتيار المردة، افكارا جديدة ضمنها ورقته الاقتصادية، طالبا تبنيها سريعا لدعوة عاجلة للحكومة الى اجتماع لاقرارها قبل الاثنين. ورغم ان الاطراف المعنية لم تعلن عن مواقفها، الا ان المصادر المتابعة اشارت الى ان حزب الله ساعد في اقناع كثيرين بالورقة بعد التزام الحريري بإلغاء كل انواع الرسوم والضرائب والاجراءات التي تصيب الطبقات الفقيرة وموظفي القطاع العام. وفهم ان وزير الخارجية جبران باسيل تراجع عن تحفظات كثيرة كان وضعها بشأن مصير قطاعي الكهرباء والخلوي.