قصة قصيرة…وعبرة كبيرة
قصة قصيرة…وعبرة كبيرة
يُحكى ﺃﻥ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻳﻄﺎﻟﻲ ﺩﻋﺎ ﻓﻨﺎﻧﺎ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺎ ﺷﻬﻴﺮﺍ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺑﺮﺳﻢ ﺻﻮﺭﺗﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﻴﻦ ﻭﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﺑﺎﺏ ﺍﻛﺒﺮ ﻣﺮﻛﺰ ﺭﻭﺣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ .
أﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺮﺳﻢ ﺻﻮﺭﻩ ﻣﻼﻙ ﻭﻳﺮﺳﻢ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ , ﻟﺮﺻﺪ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﻪ ﻭﺍﻟﺮﺫﻳﻠﻪ .
ﻭﻗﺎﻡ ﺍﻟﺮﺳﺎﻡ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺪﺭ ﻳﺴﺘﻮﺣﻲ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﻔﻞ ﺑﺮﻱﺀ ﻭﺟﻤﻴﻞ ﺗﻄﻞ ﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﻳﺮ ﻭﺗﻐﺮﻕ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ .
ﺫﻫﺐ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺍﺳﺘﺄﺫﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻡ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺟﻠﻮﺱ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻬﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺟﺎﻫﺰﺍ ﻭ ﻣﺒﻬﺮﺍ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﻛﺎﻥ ﻧﺴﺨﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭﻟﻢ ﺗﺮﺳﻢ ﻟﻮﺣﻪ ﺃﺭﻭﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ .
ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﺮﺳﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﺨﺺ ﻳﺴﺘﻮﺣﻲ ﻣﻨﻪ ﻭﺟﻪ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ , ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺟﺎﺩﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻟﺬﺍ ﺑﺤﺚ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﻃﺎﻝ ﺑﺤﺜﻪ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﺭﺑﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻥ ﻳﻤﻮﺕ ﺍﻟﺮﺳﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻥ ﻳﺴﺘﻜﻤﻞ ﺍﻟﺘﺤﻔﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻛﺒﺮﻯ ﺳﺘﻤﻨﺢ ﻷﻛﺜﺮ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻟﻠﺮﻋﺐ .
ﻭﻗﺪ ﺯﺍﺭ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﻧﺎﺕ ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﺸﺮﺍ ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ .
ﻭﺫﺍﺕ ﻣﺮﻩ ﻋﺜﺮ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻓﺠﺎﻩ ﻋﻠﻰ |ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ| ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﺳﻲﺀ ﻳﺒﺘﻠﻊ ﺯﺟﺎﺟﻪ ﺧﻤﺮ ﻓﻲ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺿﻴﻘﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺣﺎﻧﻪ ﻗﺬﺭﺓ .
ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻡ ﻭﺣﺪﺛﻪ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ , ﻭﻭﻋﺪ ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻪ ﻣﺒﻠﻎ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻓﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺒﻴﺢ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ , ﻛﺮﻳﻪ ﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ
ﺃﺻﻠﻊ , ﻭﻟﻪ ﺷﻌﺮﺍﺕ ﺗﻨﺒﺖ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺭﺃﺳﻪ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ , ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺪﻳﻢ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻻ ﻳﺄﺑﻪ ﺑﺸﻲﺀ , ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺼﻮﺕ ﻋﺎﻝ ﻭﻓﻤﻪ ﺧﺎﻝ ٍﻣﻦ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ .
ﻓﺮﺡ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻻﻥ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻴﺘﻴﺢ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺗﺤﻔﺘﻪ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ , ﺟﻠﺲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻡ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺑﺪﺃ ﺑﺮﺳﻢ ﻣﻼﻣﺤﻪ ﻣﻀﻴﻔﺎً ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ .
ﻭﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺠﺎﻟﺲ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺪﻣﻌﻪ ﺗﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻩ , ﻓﺎﺳﺘﻐﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ , ﻭﺳﺄﻟﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻥ ﻳﺪﺧﻦ ﺃﻭ ﻳﺤﺘﺴﻲ ﺍﻟﺨﻤﺮ .
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﺍﻗﺮﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺍﻟﻤﺨﺘﻨﻖ : ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﺯﺭﺗﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﺭﺑﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﺣﻴﻦ ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻼ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﻭﺍﺳﺘﻠﻬﻤﺖ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻲ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ , ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻨﻲ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ .
ﻟﻘﺪ ﻏﻴﺮﺗﻨﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﺍﺗﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻓﻌﺎﻟﻲ
ﻭﺍﻧﻔﺠﺮﺕ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﺍﺭﺗﻤﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻒ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻭﺟﻠﺴﺎ ﻣﻌﺎ ﻳﺒﻜﻴﺎﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﻤﻼﻙ .
ﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺨﻠﻘﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻛﺎﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻳﻐﻴﺮ ﻭﻧﺸﻮﻩ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻌﺎﺻﻴﻨﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ : ( ﺍﻧﺎ ﻫﺪﻳﻨﺎﻩ ﺍﻟﻨﺠﺪﻳﻦ ) ﺍﻱ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭ ﺍﻟﺸﺮ ﻓﻼ ﺗﻠﻮﺙ ﺭﻭﺣﻚ , ﻭ ﻧﻮﺭ ﻭ ﺟﻬﻚ , ﻭ ﺑﺼﻴﺮﺗﻚ ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻚ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ .